للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشُرَيْتُ بُردًا لَيْتَنِي ... مِنْ بَعْدِ بردٍ صِرتُ هامة (١)

أي: بعته؛ قال الفراء: وتقول بع لي بدرهم تَمرًا، أي: اشتر لي. وأنشد:

ويأتيك بالأخبار مَن لم تَبعْ له ... بَتَاتًا ولم تضربْ له وقتَ موعِدِ (٢) (٣)

ومعنى الآية: بئس الشيء بَاعوا به أنفسهم الكفر؛ يريد: أنهم اختاروا الكُفر وأخذوه، وبذلوا أنفسهم للنار؛ لأن اليهود خصوصًا علموا صدق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن من كذبه فالنار عاقبته، فاختاروا الكفر، وسلموا أنفسهم للنار، فكان ذلك كالبيع منهم (٤). وقال المفسرون: في الآية إضمار معناه بئسما باعوا حظ أنفسهم بالكفر، هكذا قالوا (٥)، وعلى هذا تكون الآية من باب حذف المضاف، وعلى ما قلنا أولًا تصح الآية من غير إضمار.

وقوله تعالى: {أَن يَكْفُرُواْ} قال الزجاج: موضع أن رفع، المعنى: ذلك الشيء المذموم أن يكفروا (٦)، على تقدير: بئس الشيء اشتروا به أنفسهم


(١) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري، في ديوانه ص ٢١٣، و"لسان العرب" ٤/ ٢٢٥٢ مادة (شرى).
(٢) البيت لطرفة بن العبد في "ديوانه" ص ٤١.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٦، وقال: وللعرب في شروا واشتروا مذهبان، فالأكثر منهما أن يكون شروا: باعوا، واشتروا: ابتاعوا، وربما جعلوهما جميعًا في معنى باعوا، وكذلك البيع، يقال: بعت الثوب، على معنى: أخرجته من يدي، وبعته: اشتريته، وهذه اللغة في تميم وربيعة. ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٠٥.
(٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤١٤ - ٤١٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢، "تفسير ابن كثير" ١١٣ - ١١٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>