للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإشرابِ: السَّقْي، واستُعملَ في اللون المختلط بغيره تشبيهًا بالسّقي، لأنه لقال للمشرب حُمرةً: إنه لمسقيّ الدم. والمعنى هاهنا: أنهم خلطوا بحب العجل حتى اختلط بهم، ثم بيّن أنّ مَحَلّ ذلك الحُبّ قلوبهم، وأن الخلط حصل فيها، فأضاف أولًا إلى الجملة، ثم خصّ القلوب، كما تقول: ضُربوا على رؤوسهم، أضفت الضرب أولًا إليهم، ثم بيّنت مَحلّ الضَّرب، وإنما ذكره بلفظ الإشراب إخبارًا عن رسوخ ذلك الحُبّ في قلوبهم كإشراب اللَّوْن لِشِدّة الملازمة (١).

وقوله تعالى: {الْعِجْلَ} أراد: حُبّ العجل فحذف المضاف (٢) كقوله: {وَسْئَلِ القَرْيَةَ} (٣) [يوسف: ٨٢]، {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} [البقرة: ١٧٧]، وكقول الشاعر:

وكيف تُوَاصل مَنْ أصبَحتْ ... خِلاَلَتُه كأبي مَرْحَبِ (٤)


(١) ينظر: "الزاهر" ٢/ ١٠١ و"غريب القرآن" ص ٤٨ "البحر المحيط" ٢/ ١٨٤٨ وقال: وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل، لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها .. وأما الطعام، فقالوا: هو مجاور لها غير متغلغل فيها، ولا يصل إلى القلب منه إلا اليسير.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٧٥، ونقله في "اللسان" ٤/ ٢٢٢٤، وقال في "البحر المحيط" ١/ ٣٠٩: وأسند الإشراب إلى العجل مبالغة كأنه بصورته أشربوه.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦١، الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٢٣.
(٤) البيت للنابغة الجعدي، ينظر: "ديوانه" ص ٢٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٣٥، "الكتاب" لسيبويه ١/ ١١٠، "أمالي القالي" ١/ ١٩٢ "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٣، ١٧٥، "لسان العرب" ٤/ ٢٢٢٤ مادة (اشرب) و ١/ ٢٥٢ مادة (برد) قال ابن منظور: وأبو مرحب كنية الظِّل والظل منتقل، ويقال: هو كنية عرقوب، الذي قيل عنه: مواعيد عرقوب، والمراد على الأول: كيف تصاحب من لا يدوم على مودة، وإنما هو منتقل غير ثابت.

<<  <  ج: ص:  >  >>