للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبيل المكني أن يكون مبتدأً، بل سبيله أن يتقدمه ظاهر، والعرب تقول: إن ضربت زيدًا فإن زيدًا يضربك، إن ضربت زيدًا فإنه يضربك، فالذي بقول بالإظهار يحتج بأن الذي بعد الفاء مستأنف، و (إنَّ) من (١) علامات الاستئناف، والاستئناف (٢) يكون بالظاهر لا بالمكني. والذي يقول بالكناية يحتج بأن جواب الجزاء ملابسٌ للأوَّل في المعنى لتعلقه به، فالذي في الجزاء يكفي من الذي في الجواب، فتصح الكناية لهذه العلة (٣).

وقال غيره: إنما أظهر الكناية لأنه ذكر الملائكة والرسل، فلو كنى لذهبَ الوهمُ إلى واحد من الملائكةِ، أو الرسلِ، أو إلى جبريل، أو إلى ميكائيل، فأظهر الكناية ليزيل اللبس (٤).

ومعنى الآية: من كان عدوًا لأحد هؤلاء فإن الله عدو له، لأن عدوّ الواحد عدو الجميع، وعدو محمدٍ عدوُّ الله. ومثله قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: ١٣٦]؛ لأن الكافر بالواحد كافر بالكل (٥).

والواو هاهنا بمعنى أو (٦). وقال: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ولم يقل: فهم أعداء له؛ لأنه تولى تلك العداوة بنفسه، وكفى رسله وملائكته أمر من عاداهم. وإنما لم يقل: فإن الله عدو لهم أوله بالكناية؛ ليدل مع أنه عدو لهم على أنهم كافرون بهذه العداوة (٧).


(١) في (م): (لأن).
(٢) ساقطة من (م).
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٤) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٥) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٠، "البحر المحيط" ١/ ٣٢٢.
(٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٥٠، وذكر الرازي في "التفسير الكبير" ٣/ ١٩٨: أن الواو، قيل: إنها للعطف، وقيل: بمعنى أو.
(٧) ينظر: "زاد المسير" ١/ ١١٩، و"التفسير الكبير" للرازي ٣/ ١٩٨، و"تفسير ابن كثير" ١/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>