للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى قوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} أي: أصلح لمن تعبّد بها، وأنفع لهم، وأسهل عليهم، وأكثر لأجرهم، لا أن آيةً خيرٌ من آية؛ لأن كلام الله عز وجل واحد، وكله خيرٌ (١).

{أَوْ مِثْلِهَا} في المنفعة والمثوبة، بأن يكون ثوابها كثواب التي قبلها (٢).

والفائدة في ذلك: أن يكون الناسخُ أسهلَ في المأخذ من المنسوخ، والإيمان به والناس إليه أسرع، نحو القبلة التي كانت على جهة ثم حولت إلى الكعبة، فهذا وإن كان السجود إلى سائر النواحي متساويًا في العمل والثواب، فالذي أمر الله به في ذلك الوقت كان الأصلح والأدعى للعرب وغيرهم إلى الإسلام. واعلم أن هذه الآية قد اضطرب فيها المفسرون وأصحاب المعاني والقراء، واختلفت أقوالهم وقراءاتهم. وكثرة الاختلاف تدل على الإشكال وخفاء المغزى، وقلَّ من أصاب الشاكلة منهم (٣). فالفراء أشار في هذه الآية إلى قولين زَلَّ في أحدهما، وذلك أنه قال: النسيان على وجهين:

أحدهما: على الترك، يتركها ولا ينسخها (٤). وهذا لا يصح؛ لأنه


(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٠٩.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، و"المحرر الوجيز" ١/ ٤٢٨ - ٤٤١، و"التفسير الكبير" ٣/ ٢٣١، و"البحر المحيط" ١/ ٣٤٤.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٦٤ - ٦٥ قال: والوجه الآخر من النسيان الذي ينسى، كما قال الله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} وكان بعضهم يقرأ (أو ننسأها)، بهمز، يريد: نؤخرها من النسيئة، وكل حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>