للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه يقشر الجلد فيمص الدم. ذكره الأزهري (١).

وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} في التوراة أن قول محمد صدق، ودينه حق، وهذا يدل على أنهم كانوا معاندين (٢).

وقوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} قد ذكرنا معنى العفو عند قوله: {ثُمَّ عَفَونَا عَنكم} [البقرة: ٥٢]، وأما الصفح فمعناه في اللغة: الإعراض (٣)، يقال: صفح عن فلان أي: أعرض عنه موليًا، ومنه قول كُثَيِّر يصفُ امرأة أعرضت عنه:

صفوحًا فما تلقاك إلا بخيلةً ... فمَنْ ملَّ منها ذلك الوصلَ ملَّتِ (٤)

قال ابن عباس: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} أي: عن مساوئ كلامهم، وغلّ قلبهم (٥). قال: وهذا منسوخٌ بآية القتال (٦)، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مأمورًا


(١) في "تهذيب اللغة" ١/ ٨١٣، "اللسان" ٢/ ٨٦٨ (حسد).
(٢) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١١٤.
(٣) ينظر: "شمس العلوم" لنشوان الحميري ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) البيت لكثير عزة، في "ديوانه" ص ٩٨، "لسان العرب" ٤/ ٢٤٥٧، (مادة: صفح)، "المعجم المفصل" ١/ ٥٥٣.
(٥) تقدم الكلام عن مثل هذه الرواية في قسم الدراسة.
(٦) أخرجه الطبري ١/ ٤٨٩ - ٤٩٠، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٦. وينظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيد ١/ ٥٠، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس ص ٢٧٤، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي ص ٣١٢. ورد ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٤٦ القولَ بالنسخ وعزى ذلك لجماعة، وقال: واحتجوا بأن الله لم يأمر بالصفح والعفو مطلقًا، وإنما أمر به إلى غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وما هذا سبيله لا يكون من باب المنسوخ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته، والآخر يحتاج إلى حكم آخر. ونقل في "البحر المحيط" ١/ ٣٤٩ عن قوم بأنه ليس هذا حد المنسوخ، لأن هذا في نفس الأمر للتوقيف على مدته {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} غيّا العفو والصفح بهذه الغاية، وهذه الموادعة على أن تأتي أمر الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>