للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله تعالى {وَهُم يَتْلُونَ الكِتَبَ} قال الزجَّاجُ: يعني (١) به أن الفريقين يتلون التوراة، وقد وقع بينهم هذا الاختلاف، وكتابهم واحد، فدلّ بهذا على ضلالتهم، وحذّر بهذا وقوع الاختلاف في القرآن؛ لأن الفريقين أخرجهما إلى الكفر (٢). وقيل معنى قوله {وَهُم يَتْلُونَ الكِتَبَ} رفع الشبهة بأنه ليس في تلاوة الكتاب معتبر في الإنكار إذا لم يكن لهم برهان على ما ينكرون، فلا ينبغي أن يدخل الشبهة بإنكار أهل الكتاب لملة الإسلام، إذ كلُّ فريق من أهل الكتاب قد أنكر ما عليه الآخر. ثم بين أن سبيلهم كسبيل مَنْ لا يعلم الكتابَ في الإنكار لدين الله من مشركي العرب وغيرهم ممن لا كتاب لهم، فهم في جحدهم لذلك إذ لا حجة معهم يلزم بها تصديقهم لا من جهة سمع ولا عقل، فقال: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} (٣).

قال ابن عباس: يريد: أمةَ نوحٍ وعادٍ وثمودَ وقومِ فرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع، كلهم كذبوا الرسل، واختلفوا على أنبيائهم، وكذَّبوهم كما كذب اليهود والنصارى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - (٤).


= عباس ص ٣٩، وكذا الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٢٠، وذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" ٢/ ١٧٥.
(١) في (أ) و (م): (نعني).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٥.
(٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٥٣.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٢١ عن ابن جريج عن عطاء قريبًا من هذا اللفظ، وأخرجه عن عطاء أيضا: الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٩٧، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>