للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال على الرواية الثانية: هذا وعدٌ من الله لنبيه والمهاجرين، يقول: أفتح مكة لكم حتى تدخلوها آمنين وتكونوا أولى بها منهم.

وهذا قول عطاء (١) وابن زيد (٢).

وقيل (٣): إنه أمر في صيغة الخبر، يقول: جاهدوهم واستأصلوهم بالجهاد؛ كيلا يدخلها أحد منهم إلا خائفًا من القتل والسبي، كقوله عز وجل: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: ٥٣] نهاهم على لفظ الخبر، ومعناهما: لا ينبغي لهم ولكم (٤).

وقال الزجاج حاكيًا: إنَّ هذه الآية مما يعنى به جميع الكفار الذين تظاهروا على الإسلام ومنعوا جملة المساجد؛ لأن من قاتل المسلمين حتى يمنعهم من الصلاة فقد منع جميع المساجد، وكل موضع يتعبد فيه فهو


= الملك، وكان قبل الإسلام بمائتي سنة وكسور، وإنما كانوا قبل ذلك صابئين عبدة أوثان، وكان من ينتحل النصرانية منهم مغمورين مستخفين بأديانهم فيما بينهم، ومع ذلك فإن النصارى تعتقد من تعظيم بيت المقدس مثل اعتقاد اليهود، فكيف أعانوا على تخريبه مع اعتقادهم فيه.
(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٢٦، وعنه البغوي في "تفسيره" ١/ ١٣٩، والحافظ في "العجاب" ١/ ٣٥٩.
(٢) ينظر الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٠٠، ففيه عن ابن زيد بغير هذا المعنى ومال إلى هذا ابن كثير في "تفسيره" ١/ ١٦٧ وبين أن أعظم خراب فعلوه إخراجهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستحواذهم عليه بأصنامهم، وصدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية، وذكر الآيات الدالة على أن معنى العمارة إقامة ذكر الله فيها وليس زخرفتها ... إلخ.
(٣) في (ش): (وقال).
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٢٤، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٣٩، والرازي ٤/ ١٢، والقرطبي ٢/ ٧٠، و"البحر المحيط" ١/ ٣٥٨ - ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>