للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا معنى قول الفراء (١) وأبي عبيدة (٢).

الثاني: أنه يُوَسِّع على عباده في دينهم، ولا يضطرهم إلى ما يعجزون عن أدائه، فهو واسعُ الرَّحمة، واسع الشريعةِ بالترخيص لهم في التوجهٍ إلى أي جهة أدَّى إليها اجتهادهم عند خفاء الأدلة (٣).

الثالث: أنه يسع علمَ كلِّ شيء، ويسع علمُه كلَّ شيء، كقوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} أي: علمه (٤)، وقال: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [طه: ٩٨]. وقال ابن عباس في بعض الروايات: إن هذه الآية نزلت في النجاشي (٥)، وذلك أنه توفي، فأتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن أخاكم النجاشي قد مات، فصلوا عليه"، ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه عليه، فقال أصحابه في أنفسهم: كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا؟، وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات، وقد صرفت القبلة إلى الكعبة، فأنزل الله تعالى هذا الآية (٦). وعَذَر النجاشيَّ في ذلك؛


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٣٦ وعنه البغوي ١/ ١٤٠.
(٢) في "مجاز القرآن" ١/ ٥١.
(٣) "الوسيط" ١/ ١٩٤.
(٤) "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٣٦ سيأتي الرد على هذا القول موسعًا عند آية الكرسي.
(٥) هو: أصحمة بن أبحر، والنجاشي لقبه، قال ابن عيينة: أصحمة بالعربية عطية، هو ملك الحبشة الذي أكرم المسلمين الذين هاجروا إلى بلاده من مكة، وأحسن استقبالهم وأسلم ولم يهاجر وليست له رؤية فهو تابعي من وجه، وصاحب من وجه، وقد توفي في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ينظر: "الإصابة" ١/ ١٠٩، و"تفسير عبد الرزاق" ١/ ١٤٤ و"السير" ١/ ٤٢٨.
(٦) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤١ ونقله عنه في: "العجاب" ١/ ٣٦٤، من قول ابن عباس في رواية عطاء، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٣٣٢ عن عطاء وقتاده، وأخرجه الطبري في "تفسيره" ط. شاكر ٢/ ٥٣٢ - ٥٣٣، مختصرًا عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>