للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكقول أبي النجم (١):

يَقُلْنَ للرائد: أعشبت، انزل (٢)

والذبّانُ لا قولَ لها، وقال آخرون: إن ما قدّر الله وجوده وعلم فهو كالموجود (٣).

قال أبو بكر بن الأنباري: يحتمل أن تكون اللام في (له) لام أجْل، والتأويل: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا} فإنما يقول من أجْل إرادته: كن، فيكون، كقوله: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: ١٩٣] أي: من أجله (٤)، وكقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]، معناه: إنه من أجل حبّ المال لبخيل. قال: ولا يعجبني أن يُلغى القول، ويبطل معناه؛ لأنا لا نجعل حرفًا من كتاب الله مُطَّرَحًا إذا وجدنا له من وجه من الوجوه معنى.

فإن قيل: كيف قال (كن) للشيء الذي يكونه، وذلك الشيء لا يكون نفسه حتى يقال له: كن؟ قلنا: على مذهب النحويين هذا لا يلزم؛ لأن التقدير عندهم فإنما يكوِّنه فيكون، ولفظ الأمر هاهنا المراد منه الخبر، ونذكره فيما بعد. وأما من جعل هذا أمرًا حقيقيًّا فإنه يقول هذا من الأمر الحتم الذي لا انفكاكَ للمأمور منه، ولا قدرة له على دفعه والانصراف


(١) هو الفضل بن قدامة، تقدم ٢/ ١٠.
(٢) سبق تخريجه تحت الآية رقم ٩٣.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩ ففيه: قال بعض أهل اللغة (إنما يقول له كن فيكون) يقول له وإن لم يكن حاضرًا (كن)، لأن ما هو معلوم عنده بمنزلة الحاضر، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٦٤.
(٤) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>