للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال النابغة:

كِلِيني لَهمٍّ يا أميمةُ ناصبِ (١)

فأما التفسير فقال ابن عباس: يريد حرامًا محرمًا، لا يصاد طيره، ولا يقطع شجره، ولا يختلى خلاه، ولا يدخلها أحد إلا بإحرام، ولا تحلُّ لأحدٍ من الخلق إلا الساعة التي حلّت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا كلامه (٢). فأما الحكم في هذا، فإنَّ صيدَ مكة لا ينفر، ولا ينتف شعره، ولا يتعرض له بنوع أذًى، ومن قتل صيد مكة فعليه جزاؤه، ولا يجوز قطع أشجار (٣) الحرم على جهة الإضرار بها، ويجوز تشذيبها على جهة المصلحة لها، ولا يجوز خبطها؛ ولكنها تهشُّ هشًا رفيقًا، ويجوزُ إرسالُ المواشي لترتَعَ في حشيش الحرم (٤). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حبس الفيل عن مكة، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنهَّا لم تَحِلُّ لأحدٍ كان قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ كان بعدي، وإنما أُحِلَّت لي ساعة من النهار" (٥). والعرب تقول: آمَنُ من حمام مكة، يضربون المثلَ بها في الأمن (٦).


(١) البيت للنابغة الذبياني، وعجزه:
وليلٍ أقاسيه بطيءِ الكواكبِ
ينظر: "ديوانه" ص ٤٥، و"المعجم المفصل" ١/ ٤٥٠.
(٢) ينظر مرفوعًا عن ابن عباس بنحوه عند البخاري (١٣٤٩) كتاب الحج باب: الأذخر والحشيش في القبر، ومسلم (١٣٥٣) كتاب الحج؛ باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها.
(٣) في (م): (شجر).
(٤) ينظر في المسألة: "مشكل الآثار" للطحاوي ٤/ ١٧٦ ط دار الكتب العلمية، "المجموع شرح المهذب" ٧/ ٤٢٥ و ٧/ ٤٤٤ ط المنيرية، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٨٠.
(٥) تقدم تخريجه آنفًا.
(٦) لأنها لا تثار ولا تهاج. ينظر: "مجمع الأمثال" للميداني ١/ ٨٧، "جمهرة الأمثال" للعسكري ١/ ١٩٩، "المستقصى" للزمخشري ١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>