للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَفِهَ على النفس، وهى معرفة، وكذلك قوله: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: ٥٨] وهو في المعرفة كالنكرة؛ لأنه مفسِّر، والمفسِّر في أكثر الكلام نكرة، كقولك: ضِقْتُ به ذَرْعًا، المعنى: ضاق به ذرعي، فالفعل للذرع، فلما جعلتَ الضيق مسندًا إليك فقلت: ضقت، جاء الذرع مفسرًا؛ ليدل على أنَّ (١) الضيقَ فيه، كما تقول: هو أوسعُكم دارًا، أدخلتَ الدارَ لِيُعْلَمَ أنَّ السعةَ فيها لا في الرجل (٢). ثم أجري على هذا قولهم: قد (٣) وَجِعَ بطنَه، وأَلِمَ رأسَه، وغَبِنَ رأيَه، ورَشِدَ أمرَه، فعند الفرَّاءِ التقدير: سَفِهَتْ نفسُه، فَأُضيفَ الفعلُ إلى صاحب النفس، فخرجت النفس مُفسّرةً، وهذا مذهب الكوفيين.

واعترض الزجاج على هذا بأن قال: معنى التمييز لا يحتمل التعريفَ؛ لأنَّ التمييزَ إنما هو واحدٌ يدل على جنس أو خَلَّة يخلص من خِلال، فإذا عَرَّفته صار مقصودًا قصده، وهذا لم يقُلْهُ أحدٌ ممن تقدَّمَ (٤) من النحويين (٥).

ثم حكى أقوالًا، فحكى عن الأخفش (٦)، عن أهل التأويل، إنهم قالوا: إن المعنى: سَفَّه نفسه. وقال يونس (٧) (٨): أُراها لغةً، ذهب إلى أن


(١) في (م): (أن المعنى الضيق فيه).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٩، ونقله في "تفسير الثعلبي" ١/ ١٩٩.
(٣) ساقطة من (ش)، (م).
(٤) في (م): (من المتقدمين).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٩، وينظر: "التبيان" للعكبري ٩٣.
(٦) "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٤٨.
(٧) نقله عنه الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ١٤٨.
(٨) هو يونس بن حبيب الضبي بالولاء، البصري أبو عبد الرحمن، تقدمت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>