للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} [الأحقاف:١٥] ومثال الإفعال: قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: ١١] وقوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ} [النساء: ١٢] (١). قال الزجاج: ووَصَّى أبلغ من أَوْصَى؛ لأن أَوْصَى جائزٌ أن يكون قال لهم مرة واحدة، ووَصَّى لا يكون إلا لمرات كثيرة (٢).

وقوله تعالى: (بِهَا) اختلفوا في هذه الكناية، فقال بعضُهم: إنهَّا ترجع إلى الوصية؛ لأنه ذكر الفعلَ، والفعلُ يدُلُّ على المصدرِ وعلى الاسمِ منه، كقول الشاعر:

إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه (٣)

أي: إلى السَّفَهِ، فدل السفيهُ على السَّفَهِ. وهذا قولُ أبي عبيدة، قال: وإن شئت رددتها إلى الملة؛ لأنه قد ذكر ملة إبراهيم (٤). وقال المفضَّلُ وجماعة: الكناية عائدة إلى غير مذكور، ثم اختلفوا إلى ماذا تعود؟ فقال المفضل: تعود إلى الطاعة (٥)، كأنه قال: ووصّى بالطاعة. وقال الكلبي (٦)


(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١، وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٧.
(٣) تمام البيت:
وخالف والسفيه إلى خلاف.
لم ينسب البيت لقائل. أنشده الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٤٨، وثعلب في "مجالسه" ١/ ٦٠، وذكره في "خزانة الأدب" ٤/ ٣٣٥، وفي "الخصائص" ٣/ ٤٩، وفي "همع الهوامع" ١/ ٢٦٤.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، ونقله البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣، وينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، وذكره ولم ينسبه أبو حيان في "البحر" ١/ ٣٩٧، والسمين في "الدر المصون" ١/ ٣٧٦.
(٦) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٢٠٣، والواحدي في "البسيط" ١/ ١٢٠٤، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>