للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أصحاب المعاني: أراد: تَقَلُّبَ عينيك، فذكرهما بلفظ الوجه، كما ذكر الأعين بلفظ الوجوه في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٢ - ٢٣]، وذلك أنّ ما تقع به المواجهة يسمّى وجهًا، كاللحية قد يطلق عليها اسم الوجه. ويجوز أن يريد نفس الوجه؛ لأنه كما يقلب عينيه في السماء يقلب وجهه (١).

وقوله تعالى: {فِي السَّمَاءِ} أي: في النظر إلى السماء.

وقوله تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً} يقال، وَلَّيْتُكَ القبلة،: إذا صيرتَه يستقبلها (٢) بوجهه، وليس في (فعلت) منه هذا المعنى؛ لأنك إذا قلت: وَلِيتُ الحائط، ووليت الجدران، لم يكن في قولك دلالة على أنك واجهته. فَفَعَّلت من هذه الكلمة ليس بمنقول من (فَعَلت) الذي هو وَلِيتُ، فيكون على حد قولك: فَرِحَ وفرّحْتُه، ولكن المعنى الذي هو المواجهة عارض (٣) في فَعّلت، ولم يكن في (فَعَلْت)، وإذا كان كذلك كان فيه دلالة على أن النقل لم يكن من فَعَلت، كما كان قولهم: ألقيتُ متاعَك بعضه على بعض، لم يكن النقل فيه (٤) من: لقي متاعك بعضه بعضًا، ولكن


= عن ابن عباس من رواية الكلبي، وأخرج بعضه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص ١٥، من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس.
(١) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٤٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٤٥، والوجه الثاني هو الذي ذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٠.
(٢) في (م): (مستقبلها).
(٣) في (ش): كأنها (يمارض).
(٤) في (ش): (فيه دلالة).

<<  <  ج: ص:  >  >>