للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الأنباري: وفسر بعض (١) أصحابنا هذا تفسيرًا شافيًا. فقال: (كما) شرط، والفاء في قوله: {فَاذْكُرُونِي} جوابه، و {أَذْكُرْكُمْ} جواب الشرط المقدر من الأمر في {فَاذْكُرُونِي} وكذلك: إذا أتاك عبد الله فأتِه تُرضِه، (إذا) محمولة على معنى الشرط، والفاء جواب (٢) له، فلما جعل له جواب لشرط مقدر من الإتيان، قال: ولو اقتصر على قوله: {فَاذْكُرُونِي} كان (كما) جوابًا له، فلما جُعِلَ له جوابٌ كان (كما) مذهوبًا به مذهب الشرط.

وهذا القول موافق لتفسير الآية؛ لأن الآية خطاب لمشركي العرب (٣)، خاطبهم الله تعالى بما دلّهم على إثبات رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} محمدًا، وهو رجل منكم أمي، تعلمون أنه لم يتلُ كتابًا، فأنبأكم (٤) بأخبار الأنبياء، أىِ: فكما أنعمت عليكم بإرساله {فَاذْكُرُونِي}


= وزعموا أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير، فأغربوا النزع وبعدوا من الإصابة، وحملوا الكلام على غير معناه المعروف، وسوى وجهه المفهوم. ثم فسر ذلك، ثم ذكر الرد على من قال بالجزاء الذي له جوابان، فقال: وهذا القول وإن كان مذهبا من المذاهب، فليس بالأسهل الأفصح في كلام العرب. وذكر في "البحر المحيط" ١/ ٤٤٤: أن مكي بن أبي طالب رد هذا القول، وقال: لأن الأمر إذا كان له جواب لم يتعلق به فاقبله لاشتغاله بجوابه، وقد رد كلامه أبو حيان في "البحر" وفصَّل.
(١) في (م): (وفسر هذا).
(٢) في نسخة (ش): (والفاء جوابها وترضه جواب الشرط مقدر من الإتيان ..) والمثبت من نسختي (أ)، (م).
(٣) ينظر: "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٢٦٢.
(٤) سقطت من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>