للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماضي، والمراد به المستقبل، كقولك: إن أتيتني أتيتك.

الثاني: أن لا تجعل (مَن) للجزاء، ولكن تكون بمنزلة الذي، وتكون (١) مبتدأ به، ولا موضع حينئذ للفعل الذي هو {تَطَوَّعَ}، والفاء مع ما بعدها في موضع رفع، من حيث كان خبر المبتدأ الموصول، والمعنى فيه معنى الجزاء؛ لأن هذه الفاء إذا دخلت في خبر الموصول أو النكرة الموصوفة؛ آذنت أنّ الثاني إنما وجب لوجوب الأول، كقوله: {وَمَا بِكُم مِن نِّعمَةٍ فَمِنَ اَللهِ} [النحل: ٥٣] وما: مبتدأ موصول، والفاء مع ما بعدها جواب له، وفيه معنى للجزاء؛ لأن تقديره: ما ثبت بكم من نعمة، أو ما دام بكم من نعمة فمن ابتداء الله إياكم بها، فسبب ثبات (٢) النعمة ابتداؤه [ذلك] (٣)، كما أن استحقاق الأجر إنما هو من أجل الإنفاق في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: ٢٧٤].

وعلى هذا كل ما في القرآن من هذا الضرب، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا} إلى قوله: {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} [البروج: ١٠]، وقوله: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥]، {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ} [البقرة: ١٢٦]، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠]، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩]. ونذكر هذه المسألة مشروحة عند قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [البقرة: ٢٧٤].


(١) الأفعال السابقة في (ش) بالفاء (تجعل يكون ويكون).
(٢) في (ش): (ابتدا).
(٣) زيادة يقتضيها الكلام، من كلام أبي على الفارسي في "الحجة" ٢/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>