للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على هذه الطريقة فلم يثبتوا للكفار حبًا لله، وجعلوا حب الله للمؤمنين (١)، وشبهوا حُب الكفار للأصنام بحب المؤمنين لله (٢).

الطريق الثاني: أن المعنى فيه: يحبونهم كحب الله، أي: يسوّون بين هذه الأصنام وبين الله عز وجل في الحب، فيكون تقدير الآية: يحبونهم كحبهم الله، فيضاف الحب إلى الله عز وجل، والمشركون هم المُحِبُّون (٣)، وعلى المشركين في تسويتهم بين الله عز وجل والأصنام في المحبة أعظم الحجج وأوكدها، إذ أحبوا وعبدوا ما لا ينفع ولا يضر، ولا يحيي ولا يميت. وقد بيّن الله -عز اسمه- ما يدل على هذا المعنى في قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]. وهذا القول اختيار الزجاج (٤) وابن كيسان (٥)، وعلى هذا فقد أثبت للمشركين حبًّا لله، شبه حبّهم الأصنام بحبهم الله تعالى.

وقال أبو رَوق: معنى قوله: {كَحُبِّ اللَّهِ}، أي: يحبون الأصنام حُبًّا لا يستحقّ مثلَ ذلك الحبِّ إلا اللهُ، ويحبونهم كما ينبغي لهم أن يحبوا الله، فالمعنى فيه: كالحب المستحق لله.

ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} قال ابن عباس: أي:


(١) في (أ)، (م): (المؤمنين).
(٢) في (م): (الله).
(٣) في (م): (المحبين).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣٧، وقال عن القول الأول: (ليس بشيء، ودليل نقضه قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}. والمعنى: أن المخلصين الذين لا يشركون مع الله غيره هم المحبون حقًّا). وهو اختيار الرازي في "تفسيره" ٤/ ٢٠٤.
(٥) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>