للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ} أي: كتبرؤ (١) بعضهم من بعض (٢). {يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ} قال الربيع بن أنس: يريهم أعمالهم القبيحة التي سلفت منهم في الدنيا حسراتٍ عليهم في الآخرة (٣)؛ لأنهم إذا رأوا حُسْنَ مجازاة الله المؤمنين بأعمالهم الحسنة تحسروا على أن لم تكن أعمالُهم حسنةً، فيستحقّوا بها من ثواب الله مثلَ الذي استحقه المؤمنون.

وقال ابن كيسان: يعني بأعمالهم: عبادَتَهم الأوثان رجاء أن تقربهم إلى الله، فلما عُذِّبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسّروا وندموا (٤).

قال أبو إسحاق: والحَسْرَةُ: شِدَّةُ الندم، حتى يبقى النادم كالحسير من الدوابّ الذي لا منفعة فيه، ويقال: حَسِرَ فلان يَحْسَر حَسْرَةً وحَسَرًا: إذا اشتدَّ نَدَمُه على أمر فاته، قال المَرَّار:

ما أنا اليومَ على شيء خلا ... يا ابنةَ القَيْنِ تَوَلَّى بِحَسِرْ (٥).

أي: بنادم.

وأصل الحَسْر: الكشف، يقال: حَسَر عن ذراعه، والحَسْرَة: انكشاف عن حال الندامة (٦)، والحُسُور: الإعياء؛ لأنه انكشاف الحال


(١) في (ش): (كثير).
(٢) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤٠، وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٣٢٢ وذكر وجها آخر، أي: كما أراهم العذاب كذلك يريهم الله!
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٧٥، وذكره الثعلبي ١/ ١٣٢٣، والقرطبي ٢/ ١٩٠.
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ١٣٢٣، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٥٢، "البغوي" ١/ ١٨٠.
(٥) البيت للمرار في "لسان العرب" ٢/ ٨٦٩.
(٦) سقطت من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>