للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليهود كانت تصلي قِبَلَ المغرب إلى بيت المقدس، والنصارى قِبَلَ المشرق، وزعم كل طائفة أن البر في ذلك، فأخبر الله تعالى أن البر غيرُ دينهم وعملهم، ولكنه ما بينه في هذه الآية. فقال ابن عباس (١)، ومجاهد (٢)، والضحاك (٣)، وعطاء (٤): المراد به المؤمنون، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد الشهادتين، وصلى إلى أي ناحية (٥) كانت، ثم مات على ذلك، وجبت له الجنة، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونزلت الفرائض، وحُدَّتْ الحدود، وصرفت القبلة إلى الكعبة، أنزل اللهُ هذه الآية، فقال: ليس البرُّ كله أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك، ولكن البرَّ ما ذكر في الآية (٦).

وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} {الْبِرَّ} مصدر، ولا يخبر عن المصادر بالأسماء ومَنْ اسم. واختلف النحويون وأهل المعاني في وجهه. وقال أبو عبيدة: البر، هاهنا، بمعنى: البار (٧)، والفاعل قد يسمى بالمصدر، كما يسمى المفعول به، ومنه قوله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ


(١) رواه عنه الطبري ٢/ ٩٤، وابن أبي حاتم ١/ ٣٨٧.
(٢) السابق.
(٣) السابق.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٤٣، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٧٨، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٢.
(٥) في (م): (جهة).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" ٢/ ٩٤ عن قتادة، وعزاه السيوطي في "الدر" ١/ ٣١٠ إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٤٠ - ١٤١.
(٧) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٦٥، و"تفسير الطبري" ٢/ ٩٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>