للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تدل (١) الآية على أن الذكر لا (٢) يقتل بالأنثى، ولكنها بينت أن من قُتِلتْ له أُنْثَى فقال: لا أقتل بها إلا رجلًا متعدٍّ غير منصف، فأما قتل الذكر بالأنثى فمستفاد من إجماع الأمة؛ لأنهما تساويا في الحرمة، والميراثِ، وحدِّ الزنى، والقذف وغير ذلك، فوجب أن يستويا في القصاص (٣).

قال الفراء: هذه الآية منسوخة بقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] (٤) وكان عنده هذه الآية تدل على أن الرجل إنما يُقتل بالذَّكَر ولا يُقتل بالأنثى؛ لأنه قال: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} فلما لم يعمل بهذا وعمل بقوله: {اَلنَّفسَ بِالنَّفسِ} جعل هذه الآية منسوخة، والصحيح أن هذه الآية غير منسوخة؛ لأن حُكْمَ الآية ثابتٌ، ولم تدلَّ على أن الذكرَ لا يقتل بالأنثى (٥).


(١) في (ش): (تدلك).
(٢) في (م): (لم).
(٣) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧٧، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٠٥، "أحكام القرآن" للكيا الهراسي ١/ ٤٤، "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ٦٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢٧، "البحر المحيط" ٢/ ١١ وقد حكى هؤلاء الثلاثة الإجماع على ما ذكره المؤلف. "المحرر الوجيز" ٢/ ٨٤، "تفسير البغوي" ١/ ١٨٩.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٩.
(٥) ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٢٧، قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٨٤ - ٨٥: روي عن ابن عباس أن الآية نزلت مقتضية أن لا يقتل الرجل بالمرأة، ولا المرأة بالرجل، ولا يدخل صنف على صنف، ثم نسخت بآية المائدة: (أن النفس بالنفس)، قال القاضي أبو محمد (ابن عطية): هكذا روي، وآية المائدة إنما هي إخبار عما كتب على بني إسرائيل، فلا يترتب النسخ إلا بما تلقي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن حكمنا في شرعنا مثل حكمهم، وروي عن ابن عباس فيما ذكر أبو=

<<  <  ج: ص:  >  >>