للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان هذا الاتساع على ما ذكرت لك في الكثرة والحسن ومجيء التنزيل به، فلم ينكر أن تحمل هذه الآية أيضًا عليه، وإذا حمل عليه، كان بمنزلة: أُعطي زيدٌ المال، ولا يمتنع على هذا التقدير أن تكون الأيام ظرفًا لـ (كُتِبَ)، ولا شيءَ يمنع من كون الأيام ظرفًا لكُتِبَ؛ لأن الصّيَام مفروض مكتوب في أيام معدودات، وإذا كان ظرفًا له لم يمتنع أن يتسع فيه، فينتصب انتصاب المفعول به، وإذا نصب انتصاب المفعول به كان بمنزلة: أُعطى زيدٌ المال، وصار الأيام في موضع المال، لا إشكال في جواز هذا الوجه، فقد بان أن ما منعه أبو إسحاق من إجازة أن {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} بمنزلة أعطي زيدٌ المال جائز غير ممتنع.

وعند أبي علي يجوز أن تُعمل (الصيام) في الأيام، ثم (١) يجوز في انتصاب الأيام الوجهان اللذان ذكرنا إذا أعملت فيها (كتب)، من الظرف والانتصاب على المفعول به، فالظرف أن تجعل الأيام ظرفًا للصيام لا للكتابة، كما تقول: كتب عليكم الدخول يوم كذا، يجوز (٢) أن تجعل اليوم ظرفًا للدخول، وإن جعلت الأيام مفعولًا به لصيام أعملت الصيَام وهو مصدر، فنصبت به، والمصدر يعمل عمل الفعل، كقوله: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: ٢٥١]، وهو كثير، ومثله:

لحِقتُ فلم أنكُلْ عن الضرب مِسْمَعَا

قال أبو علي: والأجودُ فيمن جَعَل الأيامَ معمول الصيام أن ينصب على أنه ظرف ولا يجعله مفعولًا للمصدر؛ لأنه يعمل المصدر وفيه الألف


(١) (ثم) ساقطة من (ش).
(٢) في (ش): (ويجوز).

<<  <  ج: ص:  >  >>