للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} لا تقل: ليس عندي شيء (١).

وقال أبو إسحاق معناه: أنكم إن لم تنفقوا في سبيل الله هلكتم، أي: عصيتم الله فهلكتم، وجائز أن يكون هلكتم بتقوّي عدوكم عليكم (٢).

فعلى هذا معنى التهلكة: الهلاك بالعصيان بترك النفقة، والهلاك بقوة العدو عند ترك النفقة في الجهاد.

وقال أبو أيوب الأنصاري (٣): إنها نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله دينَهُ ونَصَر رَسُوله، قلنا: لو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية (٤).


(١) رواه عنه الطبري ٢/ ٢٠١، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ٣٣١.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٦٦.
(٣) هو: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، أبو أيوب الأنصاري، من بني النجار، صحابي شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد، رحل إلى الشام وغزا مع جيش معاوية القسطنطينية، وتوفي هناك سنة ٥٢ هـ. ينظر: "الإصابة" ١/ ٤٠٥، "الأعلام" ٢/ ٢٩٥.
(٤) الحديث رواه الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة البقرة ٥/ ٢١٢ وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي في "تفسيره" ١/ ٢٣٦، وأبو داود في الجهاد، باب: في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ٣/ ١٢ برقم ٢٥١٢، وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود برقم ٢١٩٣، ولهذا الحديث قصة، عن أسلم بن عمران قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا الله، يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب: إنما نزلت في الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. هذا لفظ أبي داود. قال الحافظ في "الفتح" ٨/ ٣٤: وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الحسنة فهو حسن، ومتى كان مجرد تهور =

<<  <  ج: ص:  >  >>