للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصل في هذا الباب: أن "لا" تَنْصِبُ النكراتِ خاصّةً بلا تنوين، ولا تعمل في المعارف شيئًا؛ لأنها جواب ما لا يكون إلا نكرة، وذلك أنك تسأل فتقول: هل من رجلٍ عندك؟ وهل من غلامٍ لك، فتقول: لا رجلَ عندي، ولا غلامَ لي، فكان الجواب منكّرًا مثل السؤال، والخافض والمخفوض في السؤال بمنزلة شيء واحد لا ينفصل أحدُهما عن صاحبه، فكذلك جعلت (لا) وما عَمِلتْ فيه بمنزلة شيء واحد، وحذفت منه التنوين، كما حذفت من خمسة عشر. ويجوز أن يكون العامل والمعمول فيه بمنزلة شيء واحد، كقولهم: يا ابن أمِّ، فالابن عامل في الأم؛ لأنه مضاف إليها، فجعلا بمنزلة اسم واحد وبُنِيا. هذا وجه النصب بلا (١).

فإن رفعتَ بها، فقلت: لا رجلٌ عندك (٢) ولا ثوبٌ لك، فيكون هذا جوابًا لقول القائل: هل رجل عندك؟ هل (٣) ثوب لك؟ فكما أن هل لا تعمل شيئًا، جعلت لا في الجواب مثلها، فرفعت ما بعدها بالابتداء وإن شئتَ جعلتَ "لا" مشبهةً بـ (ليس) فرفعت بها النكرات؛ لأن بعض العرب تجعلها بمنزلة ليس. من ذلك قوله:

فَأَنَا ابْنُ قَيْس لا بَرَاحُ (٤)


(١) ينظر: "الكتاب" لسيبويه ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٢) في (م) عندي.
(٣) في (ش) لا ثوب.
(٤) شطره الأول: "من صد عن نيرانها".
والبيت لسعد بن مالك بن ضبيعة من قيس ثعلبة. ينظر: "الكتاب" لسيبويه ١/ ٥٨، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧٠، "الخزانة" ١/ ٢٢٣، "المقتضب" ٤/ ٣٦٠، وفي رواية: من فر نيرانها، أي: نيران الحرب وشدتها، ومعنى: لا براح: أي لا براح لي ولا تحول، ولا أهرب منها، وابن قيس: سمى نفسه باسم جده لشهرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>