للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الراعي:

وأَفَضْنَ بعد كُظُومِهِنّ بجِرَّةٍ ... من ذي الأبَاطِح إذ رَعَيْنَ حَقِيلا (١)

وأفاض القوم في الحديث، إذا اندفعوا فيه، ومنه {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (٢) [يونس: ٦١] فمعنى قوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} أي: دفعتم بكثرة (٣)، يعني دفع بعضكم بعضًا؛ لأن الناس إذا انصرفوا مزدحمين دفع بعضهم بعضًا، قال أبو إسحاق: قد دل بهذا اللفظ على أن الوقوف بها واجب؛ لأن الإفاضة لا تكون إلا بعد وقوف (٤).


(١) البيت للراعي النميري من لاميته المطولة التي كان يرمى من لم يحفظها من أولاده وحفدته بالعقوق في "ديوانه" ٥٢، وفي "جمهرة اللغة" لابن دريد ٢/ ١٧٩ وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧١٩ (فيض) والثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٥٤٧ ويروى: من ذي الأباطل، قال ياقوت في "معجم البلدان" ٢/ ٢٧٩: قال ثعلب: ذو الأبارق وحقيل موضع واحد، فأراد: من ذي الأبارق إذا رعينه، والكَظْم. إمساك الفم، فلما ابتل مافي بطونها أفضن بجرة. والمعنى: أنها إذا رعت حقيلًا أفاضت بذي الأبارق.
(٢) ينظر في مادة (فيض): "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧١٩، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٤٦، "المفردات" ص ٣٩٠، "عمدة الحفاظ" ٣/ ٣٠٨، قال الزجاج في "تفسيره" ١/ ٢٧٢: وكل ما في اللغة من باب الإفاضة، فليس يكون إلا من تفرقة أو كثرة.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧٢، وفي معنى الآية ثلاثة أقوال، هذا أحدها. والثاني: أن معناه: فإذا رجعتم من حيث بدأتم، وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٨٥، والثالث: أن الإفاضة: الإسراع من مكان إلى مكان. وينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥٤٦، "النكت والعيون" ١/ ٢٦٠، "البحر المحيط" ٣/ ٨٣
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٧٢، قال أبو حيان في "تفسيره" ٢/ ٩٥ متعقبا هذا القول: ولا يظهر من هذا الشرط الوجوب، إنما يعلم منه الحصول في عرفة والوقوف بها، فهل ذلك على سبيل الوجوب أو الندب، لا دليل في الآية على ذلك، لكن السنة الثابتة والإجماع يدلان على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>