للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان قد أمهلهم مدة من الدهر، فإن وقت الجزاء عنده قريب (١)، يدل عليه قوله: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: ٧٧]، فسَمَّى المجازاةَ حسابًا؛ لأن ما يجازى به العبد هو كِفَاء لفعله، أو لأنه يجازى عند الحساب، وإنما يحاسب ليجازى، فذكر الحساب وهو يريد الجزاء.

وقيل: تأويل الآية: أنه سريع القبول لدعاء عباده، والإجابة لهم، وذلك أنه تعالى يُسأل في وقت واحد سؤالاتٍ مختلفة، من أمر الدنيا والآخرة، فيجزي كلَّ عَبْدٍ على قدر استحقاقه، فلو كان الأمر مع واحد من المخلوقين لطال العَدُّ واتصل الحساب، فأعلم الله تعالى أنه (٢) سريعُ الحساب، أي: الإحاطة والعلم بجملة سؤال السائلين؛ لأنه لا يحتاج إلى عَقْدِ يَدٍ، ولا وَعْي صَدْرٍ، ولا رؤيةٍ وفكرٍ، ثم تأويله يعود إلى سرعة القبول والإجابة ما لم يعرف مسألةَ كلِّ أحدٍ على التفصيل ليمكنه الإجابة (٣) إلى ما سأل، وهذا معنى الدعاء المأثور: يا من لا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع (٤).

ومع ما ذكرنا من هذه التأويلات (٥) قد ورد في الخبر: "أن الله عز وجل


(١) "الزاهر" لابن الأنباري ١/ ٩٧ - ٩٨، وينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٠٨، "البحر المحيط" ٢/ ١٠٦.
(٢) في (ش) (لأنه).
(٣) لسِت في (أ) ولا (م).
(٤) لم أجده.
(٥) ينظر في الأقوال السابقة: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٠٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٦٠٩، "تفسير السمعاني" ٢/ ٢٤٣، "تفسير البغوي" ١/ ٢٣٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ١٨١، "زاد المسير" ١/ ٢١٦، "تفسير الرازي" ٥/ ٢٠٧، "البحر المحيط" ٢/ ١٠٦، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤١٢، وقال: الكل محتمل، فيأخذ العبد لنفسه في تخفيف =

<<  <  ج: ص:  >  >>