للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَيَسْخَرُونَ} مستأنف غير معطوف على {زُيِّنَ}، ولا ينكر استئناف المستقبلِ بعد الماضي، وذلك أن الله تعالى خبر عنهم بـ {زُيِّنَ} وهو ماض، ثم خبر عنهم بعد ذلك بفعل يديمونه ويستقبلونه، فقال: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: يسخرون من فقراء المؤمنين ويعيرونهم بالفقر (١).

قال ابن عباس في رواية أبي صالح: نزلت في مشركي العرب، كانوا يتنعمون بما بسط لهم في الدنيا من المال، ويسخرون من فقراء المؤمنين الذين يرفضون الدنيا (٢)، وقال في رواية عطاء: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم من بني قريظة والنضير وقينقاع، سخروا من المهاجرين حيث أخرجوا من ديارهم وأموالهم (٣).


= سخرت من فلان، فهذه اللغة الفصحية قال الله تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩].
(١) ينظر: "التفسير الكبير" ٦/ ٧، "البحر المحيط" ٢/ ١٣٠، وذكر أنها خبر مبتدأ محذوف تقديره، وهو يسخرون، وقيل الجملة الفعلية معطوفة على الجملة الفعلية، ولا يلحظ فيها عطف الفعل على الفعل؛ لأنه كان يلزم اتحاد الزمان، وإن لم يلزم اتحاد الصيغة، قال: وصدرت الأولى بالفعل الماضي لأنه أمر مفروغ منه، فليس أمرًا متجددًا، وصدرت الثانية بالمضارع لأنها حالة تتجدد كل وقت. وينظر: "الدر المصون" ٢/ ٣٧١ - ٣٧٣.
(٢) ذكره الثعلبي ٢/ ٦٩٨ من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد ضعيف جدًّا، وذكر البغوي ١/ ٢٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٢٦٣، والرازي في "تفسيره" ٦/ ٥، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩، وعزاه أبو الليث في "بحر العلوم" ١/ ١٩٨ إلى الكلبي، وقد روى الطبري ٢/ ٣٣٤، نحوه عن عكرمة.
(٣) تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة وقد ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٧ =

<<  <  ج: ص:  >  >>