للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا} أي: حركوا بأنواع البلايا والرزايا (١) (٢).

قال أبو إسحاق: وأصل الزلزلة في اللغة من: زَلّ الشيء عن (٣) مكانه، فإذا قلت: زلزلته، فتأويله: أنك كررت زللَه (٤) من مكانه، فضوعف لفظه لمضاعفة معناه، وكل ما كان فيه ترجيع كررت فيه فاء الفعل، نحو: صَرَّ (٥) وصَرْصَرَ وَصَلّ وصلصل (٦). وتفسير {وَزُلزِلُوا} هنا: خوفوا وحقيقته ما ذكرنا، وذلك أن الخائف لا يستقر بل يضطرب لقلقه، ولهذا يقال للخوف: المقيم المُقْعِد؛ لأنه يُذْهب السكون، فيجوز أن يكون {وَزُلزِلُوا} هاهنا مجازًا، والمراد به: خوفوا، ويجوز أن يكون حقيقة بأن يكونوا مضطربين لا يستقرون لما في قلوبهم من الجزع والخوف (٧).

وقوله تعالى {حَتَى يَقُولَ اَلرَّسُولُ} قرئ (يقولَ) نصبًا ورفعًا (٨)، والنصب على وجهين إذا نصبت الفعل بـ (حتى) فقلت: سرت حتى أدخلها.


(١) في (ي): (الرزايا والبلايا).
(٢) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٣٠.
(٣) في (م): (من).
(٤) كذا في الأصول، وفي "معاني القرآن" زلزلته.
(٥) (صر) ليست في (ي)، وفي (ش): (ضر وضرضر) وفي (م): (صر وصَرّ).
(٦) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٥. بمعناه.
(٧) ينظر في زلزل "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٥١، "المفردات" ص ٢١٩، "عمدة الحفاظ" ٢/ ١٦٥،"اللسان" ٣/ ١٨٥٧ (زلل). ونقل الأزهري عن ابن الأنباري في قولهم: أصابت القوم زلزلة، قال: الزلزلة: التخويف والتحذير، من ذلك قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١١] {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي: خوفوا وحذِّروا قال بعضهم: الزلزلة مأخوذة من الزلل في الرأي، فإذا قيل: زلزل القوم، فمعناه: صرفوا عن الاستقامة، وأوقع في قلوبهم الخوف والحذر.
(٨) قرأ نافع برفع اللام، وقرأ الباقون بالنصب. ينظر: "السبعة" ص ١٨١ - ١٨٢، "الحجة" ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>