للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} أراد به: الطلقة الثالثة، روي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن رجلًا قال له: أسمعُ الله يقول: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فأين الثالثة؟ قال: قوله: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ} هو الثالثة (١).

وقال صاحب النظم: قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إلى قوله: {بِإِحْسَانٍ} ظاهره يقتضي أنه خبر، وتأويله في الباطن شرط وجزاء، على نظم: من طلق امرأته مرتين فليمسك بعدهما بمعروف، أو ليسرحها بإحسان، ومثله مما جاء على لفظ الخبر ومعناه الشرط: قوله: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)} [الدخان: ١٢] معناه: إن كشفت آمنَّا، وقال في الجواب: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: ١٥] ظاهره خبر وتأويله: إن كشفنا تعودوا (٢).

وقوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} لا يجوز للزوج أن يأخذ من امرأته شيئًا مما أعطاها من المهر وما نحلها وتفضل عليها ليطلقها؛ لأنه ملك بضعها واستمتع بها في مقابلة ما أعطاها، فلا


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٦/ ٣٣٧، وأبو داود في "المراسيل" ص ١٨٩، وسعيد بن منصور ١/ ٣٨٤، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٥/ ٢٥٩، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٤٥٨، ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٤١٩، والبيهقي ٧/ ٣٤٠ عن أبي رزين، وهذا مرسل؛ لأن أبا رزين تابعي، ورواه الدارقطني في "السنن" ٤/ ٤، والبيهقي ٧/ ٣٤٠ عن أنس، قال البيهقي: وروي عن قتادة عن أنس وليس بشيء؛ وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى ٣/ ١٩٥: قد أسند هذا عن إسماعيل بن سميع عن أنس، وعن قتادة عن أنس، والمرسل أصح. وقال ابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام ٢/ ٣١٦: وعندي أن هذين الحديثين صحيحان.
(٢) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>