للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]، ففرعون أوَّلُهم، وأنشد:

ولا تبكِ مَيْتًا بعد ميت أجنة ... علي وعباس وآل أبي بكْرِ (١)

يريد: أبا بكر نفسه، وآل الرجل في اللغة: شخصه (٢)، وقد ذكرناه عند قوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: ٤٩].

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ} أي: في رجوع التابوت إليكم علامة أنَّ الله قد ملَّكَ طالوت عليكم {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي: مصدقين (٣).

قيل: إنهم كفروا بتكذيبهم نبيَّهُم في تمليك طالوت، ولذلك لم يَصْبر عن الماء - لَمَّا ابتلاهم اللهُ بالنهر إلا القليل منهم، وهم الذين أطاعوا ولم يكذبوا، فعلى هذا قوله: (إن كنتم مؤمنين) أي: مصدقين بتمليك طالوت إذ عاد إليكم التابوت (٤).

وقيل: أراد {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} كما تزعمون (٥)، ويجوز أن يكون المعنى: إن في ذلك لآية لمن كان مؤمنًا منكم، فدخل الشرط للتوكيد، كقوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣]، أي: من كان مؤمنًا توكل، وكما تقول: إن كنت أخي فأكرمني، لم يدخل الشرط للشك في الأخوة، ولكن توكيدًا للإكرام، ومثله في القرآن كثير.


(١) البيت من الطويل، وهو لابن أراكة الثقفي في: "المؤتلف والمختلف" ص ٥٣.
(٢) ينظر "البحر المحيط" ٢/ ٢٦٢.
(٣) "تفسير الطبري" ٢/ ٦١٧، وبنحوه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣٠.
(٤) "تفسير الطبري" ٢/ ٦١٧، "البحر المحيط" ٢/ ٢٦٣.
(٥) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>