للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} أي: فالذي يُصِيبها طَلٌّ، وهو المطر اللِّينُ الصغارُ القَطْر، يقال: طَلَّت السماء تَطُلُّ طَلًّا فهي طَلَّة، وطُلَّتِ الأرض فهي مَطْلُولة، وروضة طَلَّةٌ نَدِيَّة، وتقول العرب في الدعاء: رحُبَت عليك الأرض وطُلَّت، بضم الطاء، ومن نصب الطاء أراد: وطَلَّت عليك السماء (١).

فإن قيل: كيف قيل فيما مضى {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} قيل: فيه إضمار المعنى: فإن يكن لم يصبها وابل فطل، ومثله من الكلام: قد أعتقت عبدين، فإن لم أعتق اثنين فواحدًا بقيمتهما، المعنى: إن أكن لم أعتق، قاله الفراء (٢).

وتم المعنى عند قوله: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} ثم زاد تأكيدًا وزيادة معنى فقال: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ} وأصابها طلٌّ فتلك حالها في الثراء وتضاعف الثمرة لا ينقص بالطل عن مقدارها بالوابل، وفي الكلام إضمار لا يتم المعنى إلا به، كأنه قيل: فإن لم يصبها وابل وأصابها طل فتلك حالها، فحذف لأن الباقي يدل عليه، تقول: كما أن هذه الجنة تثمر في كل حال ولا يخيب صاحبها، قلّ المطر أو كثر، كذلك يضعف (٣) الله عز وجل ثواب صدقة المؤمن المخلص، سواء قلت نفقته وصدقته أم (٤) كثرت (٥).


(١) ينظر في طلل: "معاني القران" للزجاج ١/ ٣٤٨، "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٢١٢، "المفردات" ص٣٠٩، "اللسان" ٥/ ٢٦٩٦ - ٢٦٩٨.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٧٨، وينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣١٢.
(٣) في (ش): (يضاعف).
(٤) في (م): (أو).
(٥) الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٥٩٢، "البحر المحيط" ٢/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>