للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا} [الروم: ٥١]، فأجيبت لئن بإجابة لو، وقال: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: ٩] معناه: ودوا أن تدهن (١).

والإعصار: ريح ترتفع وتستدير نحو السماء كأنها عمود، وهي التي يسميها الناس الزوْبَعة، وهي ريح شديدة، ومنه: إن كنت ريحًا فقد لاقيت إعصارًا (٢) وقال ابن الأعرابي: يقال: إعصار وعِصَار، وهو أن يهيجَ الريحُ الترابَ (٣).

قال المفسرون: مثلُهم كمثلِ رجلٍ كانت له جَنَّةٌ فيها من كلِّ الثمرات، وأصابه الكِبَرُ فَضعُفَ عن الكسب، وله أطفال لا يجدون عليه، ولا ينفعونه، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، ففقدها أَحوَج (٤) ما كان إليها، عند كبر السن، وضعف الحيلة، وكثرة العيال، وطفولة الولد، وضعف عن إصلاحها لكبره، وضعف أولاده عن إصلاحها لصغرهم، ولم يجد هو ما يعود به على أولاده، ولا أولاده ما يعودون به على أبيهم، فبقي هو وأولاده فقراء عجزة متحيرين، لا يقدرون على حيلة، كذلك يبطل الله عمل المنافق والمرائي، حين لا مُسْتَعْتب لهما، ولا توبة، ولا إقالة من ذنوبهما (٥).

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ} أي: كمثل بيان هذه الأقاصيص


(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٧٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٩٣ - ١٥٩٤.
(٢) مثل عربي في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٥٩ (مادة: عصر). وينظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٤٩. ويضرب مثلًا للرجل يلقى قِرْنَه في النجدة والبسالة.
(٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٥٩ (مادة: عصر)، وعبارته: أن تهيج الريح التراب فترفعه. وينظر في إعصار: "المفردات" ص ٣٣٩ - ٣٤٠، "اللسان" ٥/ ٢٩٧٠ (مادة: عصر).
(٤) في (م): (فأحوج).
(٥) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>