للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلم ابن قتيبة على السبب الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب، فقال ص (١٧): وقد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون، ولغوا فيه وهجروا، واتبعوا: {مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧] بأفهام كليلة، وأبصار عليلة، ونظر مدخول؛ فحرفوا الكلام عن مواضعه، وعدلوه عن سبله؛ ثم قضوا عليه بالتناقض، والاستحالة في اللحن، وفساد النظم، والاختلاف. وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغمرة والحدَثَ الغِرَّ، واعترضت بالشبه في القلوب، وقدحت بالشكوك في الصدور ...

فأحببت أن انضح عن كتاب الله، وأرمي من ورائه بالحجج النيّرة، والبراهين البينة، وأكشف للناس ما يلبسون، فألفتُ هذا الكتاب جامعًا لتأويل مشكل القرآن؛ مستنبطًا ذلك من التفسير بزيادة في الشرح والإيضاح، وحاملًا ما أعلم فيه مقالًا لإمام مطلع على لغات العرب؛ لأري المعاند موضع المجاز، وطريق الإمكان، من غير أن أحكم فيه برأي، أو أقضي عليه بتأويل، ولم يجز لي أن أنص بالإسناد إلى من له أصل التفسير، إذ كنت لم أقتصر على وحي القوم حتى كشفته، وعلى إيمائهم حتى أوضحته، وزدت في الألفاظ ونقصت، وقدمت وأخرت،


= دينور، ولد سنة ٢١٣ هـ في أواخر خلافة المأمون.
قال الخطيب البغدادي: كان ثقة دينًا فاضلًا. توفي رحمه الله سنة ٢٧٦ هـ من مصنفاته: "غريب القرآن"، "أدب الكاتب"، "عيون الأخبار"، "طبقات الشعراء"، "المعارف"، "جامع الفقه".
ينظر ترجمته: "طبقات النحويين" ص (١١٦)، "تاريخ بغداد" ١٠/ ١٧٠، "إنباه الرواة" ٢/ ١٤٣، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٢، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>