للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا التفسير يجوز أن يسألوا الناس غير إلحاف، لأن الله تعالى نفى عنهم السؤال إلحافًا، وهو أن يسألوا مع الاستغناء عن المسألة.

وقال الفراء (١) والزجاج (٢) وأكثر أهل المعاني (٣): لا يجوز أن يَسْألوا غير إلحافٍ أيضًا، لما وصفوا به من التعفف والمعرفة بسيماهم، دون الإفصاح (٤) بسؤالهم، إذ لو أفصحوا لم يحسبهم الجاهل أغنياء؛ لأنه إنما جهل ما لا ينال (٥) بالاستذلال.

ثم اختلفوا في وجه قوله: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} فقال الزجاج: المعنى: أنه ليس منهم سؤال فيكون إلحاف، كما قال امرؤ القيس:

على لاحبٍ لا يُهْتَدَى بمَنَارِه ... إذا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيَّافيُّ جَرْجَرَا (٦)

المعنى: ليس به منار فيُهتدى به، كذلك ليس من هؤلاء سؤال فيقع


(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٨١.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٥٧.
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٩٩، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٧٣، و"أمالي المرتضى" ١/ ٢٢٨.
(٤) في (م): (الالحاف صاح).
(٥) في (ش): (ما نال)، وفي (ي): (ما ينال).
(٦) البيت في "ديوانه" ص ٦٤، وأمالي المرتضى ١/ ١٦٥ "لسان العرب" ٣/ ١٤٦٦ مادة: ديف، ١٤٦٦٣ مادة: سوف ٤/ ٢١٥٣ مادة: لحف. وقوله: سلفه: شمه، العَوْدُ: المُسِنّ من الإبل - الدِّيافيّ: نسبة إلى دياف قرية بالشام، جرجرا: أخرج شقشقته وصاح، ولاحب: الطريق الواضح. ويروى النياطي، وهو الأكثر، بمعنى الضخم الجسيم، والشاعر يصف طريقًا إذا شمه البعير المُسن عرفه فاستبعده وذكر ما يلحقه فيه من المشقة فجرجر لذلك. ينظر (أمالي المرتضى١/ ٢٢٨ - ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>