للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الأنباري: إنما ذكر الدَّيْن مع أن {تَدَايَنْتُمْ} يدل عليه؛ لأن التداين يكون بمعنيين، أحدهما: التداين بالمال، والآخر: التداين بمعنى: المجازاة، من قولهم: كما تدين تُدان، والدين: الجزاء، فذكر الله تعالى الدين لتلخيص أحد المعنيين (١).

وقوله تعالى: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} معنى الأجل في اللغة: الوقتُ المضروبُ لانقضاء الأمد، وأَجَلُ الإنسان هو الوقت لانقضاء عمره، وأَجَلُ الدين: محَلُّه، لانقضاء التأخير فيه، وأصله من التأخير، يقال: أَجِلَ الشيء يَأْجَلُ أُجُولًا: إذا تأخر، والآجل: نقيضُ العاجل.

وقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ} الكِتابةُ والإِشهادُ اللذان ذكرا في هذه الآية للتداين، والمبايعة في قوله: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} قد اختلف الناس فيهما، فأوجبهما جماعة من أهل العلم، وقالوا: إن الله تعالى أمر في الحقوق المؤجلة بالكِتابة والإشهادِ حفظًا منه للأموال، وذلك أن الذي عليه الدين إذا كانت عليه الشهود والبينة قلّ تحديثه نفسه بالطمع في إذهابه، وهذا مذهب عطاء (٢) وابن جريح (٣) وإبراهيم (٤) واختيار محمد بن جرير (٥)، قال إبراهيم: يشهد ولو على دَسْتَجة (٦) بَقْل.


(١) ينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٧٨٣، وقيل: إنها جاءت للتوكيد، كقوله: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]. و"تفسير الطبري" ٣/ ١١٧، و"المدخل لتفسير كتاب الله": للحدادي ٢٩٦ ص، و"تفسير أبي المظفر السمعاني" ٢/ ٤٦١.
(٢) المغني ٦/ ٣٨١.
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١١٧.
(٤) المغني ٦/ ٣٨١.
(٥) "تفسير الطبري" ٣/ ١١٩ - ١٢٠.
(٦) الدَّسْتَجَة: الحزمة. ينظر: "القاموس" ص ١٨٩ (مادة: دستج).

<<  <  ج: ص:  >  >>