للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلفوا في عِلَّةِ فتح الميم: فقال الفراء (١): طُرِحت عليها فتحةُ الهمزة؛ لأن نيّة حروف الهجاء الوقف. فَلَمَّا كان يُنوى بها الوقفُ، نُوي بما بعده الاستئنافُ، فكانت الهمزةُ في حُكْم الثَّبات (٢).

ومذهب سيبويه (٣): أنه حُرَّك لالتقاء الساكِنَينِ (٤)، والساكن الذي حُرّك له الميمُ، لامُ التعريف؛ وذلك أنَّ حُكْمَ هذه الهمزة، أن تُجتلَبَ في الابتداء، إذا احتيجَ إلى اللفظ بحرفٍ ساكنٍ، دون الصِّلَةِ والإدْراج، فإذا اتَّصلَ الساكنُ المُجتَلَبُ له هذا الحرفُ بشيءٍ قبله، استُغنِيَ عنه، فحُذِفَ. فإن اتّصَلَ بمتحرِّكٍ، بُنيَ على حركته (٥)، نحو: (ذهبَ ابْنُك). وإنْ كان حرفًا ساكنًا -غيرَ لَيِّنٍ- حُرّكَ، نَحْوَ: {عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ} (٦) [ص:٤١ - ٤٢]،


= روايةُ حفصٍ عنه. ويقول الزجّاج: (والمضبوط عن عاصم في رواية أبي بكر بن عياش وأبي عمرو فتح الميم. وفتح الميم إجماعٌ). ويقول مكي: (والذي قرأت به في رواية يحيى بن آدم بالوصل، مثل الجماعة). يعني: رواية يحيى عن أبي بكر. انظر: "معاني القرآن" للزجّاج: ١/ ٣٧٣، "التبصرة" لمكي ٤٥٥، "السبعة" لابن مجاهد ص ٢٠٠، "الحجة" للفارسي ٣/ ٥.
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٩. نقله عنه بالمعنى. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) يعني بـ "الثبات": عدم سقوط الهمزة في الوصل. وقد ذهب الزمخشريُّ مذهبَ الفرّاء، وناقشه أبو حيان ورَدَّ عليه. انظر: "الكشاف" للزمخشري ١/ ٤١٠، "البحر المحيط" لأبي حيان ٢/ ٣٧٥ "الدر المصون" للسمين الحلبي ٣/ ٨١٢.
(٣) في "الكتاب" له ٤/ ١٥٢.
(٤) قال السمين الحلبي: (وهو مذهب سيبويه وجمهور الناس). "الدر المصون" ٣/ ٦.
(٥) في (ج): (متحركة).
(٦) يقول أبو علي الفارسي: (فإن كان الحرف الثاني من الكلمة التي فيها الساكن الثاني مضمومًا ضمة لازمة، جاز فيه التحريكُ بالضم والكسر جميعًا) وأتى بهذه الآية ضمن الشواهد على ذلك. ثم قال: وجميع هذا يجوز في الساكن الأول التحريك بالضم) أي أن تقرأ هكذا: {عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ} في حال الوصل. "التكملة" للفارسي ١٧٧، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ١٥٣، "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤. وقد قرأ بكسر الباء مع التنوين في {عَذَابٌ} في حال الوصل: عاصم، وحمزة، وأبو عمرو بن العلاء، وقنبل، وابن ذكوان، ويعقوب. وأجمعوا على ضم الهمزة في الابتداء. وقرأ الباقون بضم الباء مع التنوين. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤، ٢٧٥، وقال: والضم في ذلك كلِّه الاختيارُ؛ لأن عليه أكثر القراء، ولأنه أخف. والكسر حسن؛ لأنه الأصل في حركة التقاء الساكنين. وانظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص ٣٧٢، "البدور الزاهرة" ص ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>