للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأنَّ البَعْثَ حَقٌّ، كما أنَّ الإنشاءَ حَقٌّ.

وقوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}. قال عطاء (١): هذا ثَنَاءٌ مِن الله تعالى على الذين قالوا: {آمَنَّا بِهِ}، معناه: ما يَتَّعِظُ [بما] (٢) في القُرْآن، إلّا ذَوُو العُقُول.

وقال الزَّجَّاج (٣): هذا دليلٌ على أن الأمرَ الذي اشْتَبَهَ عليه من البَعْثِ، لمْ يَتَدَبَّرُوه، ومعناه: ما يَتَدَّبر القرآنَ، وما أتَى به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، إلّا أوْلُوا الألباب. والأظهر في تفسير هذه الآية: قولُ عطاء: إنَّ هذا في اليهود، حين طلبوا تفسيرَ الحروف المُقَطَّعَة، والقولُ الذي حكاه الزجَّاج: إن هذه في منكري البعث.

ويقال: هل يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعلمه إلا الله؟ فيقال: اختلف الصحابة والناسُ في هذا:

فذهب الأكثرون: إلى أنَّ تَمَامَ الوَقْفِ على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، وأن جميع المتشابه لا يعلمه إلا الله؛ مثل: وقت قيام الساعة، وطلوع الشمس من المغرب، ونزول عيسى، وخروج الدجَّال.

وقال قومٌ: في القرآن أشياء لا يَعْرِف حقيقَتَها إلا الله؛ كالحروف المُقَطَّعة، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [المائدة: ٦٤]، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، وأشباه هذا. والله تعالى مُخْتَصٌّ (٤) مُستأثِرٌ بِعِلْم هذه، والإيمانُ بها حَقٌّ، وحقائقُ عُلُومِها


(١) لم أقف على مصدر قوله.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٩. نقله عنه بتصرف يسير.
(٤) في (أ)، (ب): (يختص). والمثبت من: (ج)، (د)؛ لمناسبته لسياق العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>