للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاهد (١): هو العالم الذي يبين ما علمه. فالله عز وجل قد دلَّ على توحيده بجميع ما خلق، فبيِن أنه لا يقدر أحدٌ أن ينشيء شيئًا واحدًا مما أنشأ.

قال أبو العباس (٢): ونظير هذا في القرآن مما أُريد فيه بالشهادةِ: التبيينُ، وإن لم يقارنه القولُ: قولُه عز وجل: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: ١٧]، معناه: مبيِّنين على أنفسهم الكفر؛ وذلك أنهم يؤمنون بأنبياء (٣)، كلهم شاهد لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بالصِّدق، فلما آمنوا بأنبياء (٤) بشَّروا بمحمد، وحثُّوا على اتباعه، ثم خالفوا عليه فكذبوه وحاربوه، بيَّنوا بذلك الكفر على أنفسهم، فوُصفوا بأنهم شَهِدوا به، وإنْ لم يكونوا قالوا: نحن كفار (٥).


= الأقوال وما في معناها، صحيحة، وذلك أن الشهادة تتضمن كلامَ الشاهد وقولَه وخبرَه عمَّا شهد به، ... وإن لم يكن معْلِمًا به لغيره، ولا مُخْبِرًا به لسواه، فهذه أول مراتب الشهادة. ثم قد يخبره ويُعْلِمه بذلك، فتكون الشهادة إعلامًا لغيره وإخبارًا له ..)، وتابع: (.. فمن قال: (حكم) و (قضى) فهذا من باب اللازم، فإن الحكم والقضاء هو إلزام وأمر؛ ولا ريب أن الله ألزم الخلق التوحيد وأمرهم به وقضى وحكم)، وتابع: (فإذا شهد الله أنه لا إله إلا هو، فقد حكم وقضى أن لا يعبد إلا إيَّاه). "المسير الكبير" لابن تيمية: ٣/ ١٣٧ - ١٤٢. وانظر: "التفسير القيم" لابن القيم: ١٧٨.
(١) من قوله: (لأن الشاهد ..) إلى (.. مما أنشأ): نقله بالنص عن الزجَّاج.
(٢) قوله في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٤٢ - ١٩٣٤ نقله المؤلف بالمعنى.
(٣) في (ج): (بالأنبياء).
(٤) في (ج): (بالأنبياء).
(٥) هذا الوجه في تفسير شهادة المشركين على أنفسهم بالكفر المذكور في آية (١٧) من سورة التوبة، ذكره كذلك ابنُ الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٤٠٨، ونسبه لابن الأنباري. ومما قيل كذلك في تفسيرها: هو قول اليهودي: أنا يهودي، =

<<  <  ج: ص:  >  >>