للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراهم الدلالة على صدقه ونبوَّته، ثم دعاهم إلى اتباع أمر من أقروا بأنه خالقهم، فإذا لم يطيعوه، صاروا محجوجين.

فهذا وجه الحجة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ}. ومعنى {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ}: أي: انقدت له بقلبي ولساني وجوارحي.

وذكرنا أن الإسلام معناه -في اللغة-: الانقياد (١). وذُكِرَ (الوجه) هاهنا؛ لأنه أكرم جوارح الإنسان، فإذا خضع وجهُهُ لشيء، فقد خضع له سائرُ جوارحه (٢).

وقال ابن عباس في هذه الآية (٣): يريد: كما قال أبوك إبراهيم: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: ١٣١]. وقد ذكرنا هناك معنى (أسلم) و (أسلمْتُ).

وقال الفرَّاء (٤): معنى [أسلمت وجهي لله: أخلصت عملي لله؛ يقال (٥)] (٦): (أسلمتُ الشيءَ لفلان)؛ أي: أخلصته لهُ، فسلم له الشيء، ولم يشاركه غيره (٧).

قال: ومعنى (الوجه) ههنا: العمل، كقوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}


(١) انظر ما سبق عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} من آية ١٩ من هذه السورة.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٢١٤، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٥ ب.
(٣) لم أهتد إلى مصدر قوله.
(٤) لم أهتد إلى مصدر قوله وهو موجود في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٥ ب.
(٥) في (ج): (فقال).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من: (ج)، (د).
(٧) في (ج): (فيه).

<<  <  ج: ص:  >  >>