للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على تقدير (١): لا تجعلوا ابتداء الولاية مكاناً دون المؤمنين (٢). وهذا (٣) كلام جرى على المثل في المكان، وهو كما تقول: (زيدٌ دونك)؛ لست تريد: أنَّه في موضعٍ مُسْتَفِلٍ (٤)، وأنك في موضع مرتفع، ولكن جعلت الشَّرف بمنزلة الارتفاع في المكان، وجعلت الخِسَّةَ كالاستفال (٥) في المكان.

والمعنى (٦): أنَّ المكان المرتفع في باب الولاية: مكانُ المؤمنين، ومكان الكافرين الأدنى. فهذا معنى {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، وتحقيق له.

والتأويل: أولياء من غير المؤمنين وسواهم؛ كقوله تعالى {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٢٣] أي: غير الله. وقد مرَّ.

وقد ثبت بهذه الآية تحريمُ موالاة الكافرين: والله تعالى قد قطع بيننا وبينهم أصلَ الموالاة.

قال ابن عباس في هذه الآية (٧): نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا


(١) (تقدير): ساقطة من (ب).
(٢) والتقدير بعبارة أوضح: لا تجعلوا ابتداء الولاية من مكان دون مكان المؤمنين. وكون (مِن) لابتداء الغاية، هو الوجه الأظهر، والوجه الآخر: أن (مِن) في موضع نصب، صفة للأولياء. وقال سليمان الجمل: (إنها في محل الحال من الفاعل). انظر: "التبيان" للعكبري ١/ ١٨٣، "البحر المحيط" ٢/ ٤٢٣، "الدر المصون" ٣/ ١٠٧، "الفتوحات الإلهية" للجمل ١/ ٢٥٨.
(٣) من قوله: (وهذا ..) إلى (.. مكان المؤمنين): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٩٦ مع اختلافٍ يسير جدًّا بين النصين.
(٤) (مستفل): وردت في "معاني القرآن" مستقل، وما أورده المؤلف هنا هو الصواب؛ لمناسبتها لسياق الكلام. و (التَّسفُّلُ)، نقيض التَّعلِّي، انظر: "التاج" ١٤/ ٣٤٧ (سفل).
(٥) كالاستفال: وردت في "معاني القرآن" (كالاستقبال)؛ ولا وجه لها، والصواب ما أثبته المؤلفُ.
(٦) في (ج): (فالمعنى)، وفي (د): (والمكانى).
(٧) قوله، في "تفسير الطبري" ٣/ ٢٢٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦٢٨، وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ٢٨ونسب إخراجه كذلك لابن المنذر. ونهاية قول ابن عباس إلى (.. الكفار)، أما الآيات القرآنية، فهي من إلحاق المؤلف الواحدي تفسيرًا لقول ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>