للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] (١) فيرد عليه الواحدي مبينًا أن الآية لا تقوم دليلًا على مطلوبه فيقول: "وأما ما احتج به أبو العباس من قوله تعالى: {وَمَا الرَّحْمَنُ} فهو سؤال عن الصفة، ولذلك قالوا: "وما الرحمن" ولم يقولوا: ومن، والقوم جهلوا صفته، والاسم كان معلوما لهم في الجملة" (٢).

مثال آخر يدل على ما يتمتع به من ملكة علمية تُمَكِّنه من نقاش كلام فطاحل العلماء، ما مر بنا قريبا من مناقشته لكلام الطبري (٣) قائلًا: "وليس الأمر على ما قال، لأن الشك في القلب على الحقيقة، فأي فائدة لتقدير الاعتقاد هاهنا، ولأن الشك ينافي الاعتقاد، وهم ليسوا معتقدين إذا كانوا شاكين" (٤).

ومثال ثالث في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ...} [البقرة: ٢٧] ذكر وجهين للزجاج في المراد بالعهد (٥)، ثم قال: "والوجه الأول أصحهما، من قبل أن الله لا يحتج عليهم بما لا يعرفون؛ لأنه بمنزلة ما لم يكن إذا كانوا لا يشعرون به ولا لهم دلالة عليه، والثاني مع هذا صحيح، لأنهم عرفوا ذلك العهد بخبر الصادق فكان كما لو كانوا يشعرون به، وهذا الوجه هو قول ابن عباس .. " (٦).


(١) انظر: "البسيط" عند تفسير قوله تعالى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة الآية ٣].
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: كلام الطبري من هذِه الدراسة.
(٤) انظر: "البسيط" عند قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} [البقرة: ٩].
(٥) الوجهان: الأول: ما أخذه على النبيين ألا يكفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: الذي أخذه من بني آدم من ظهورهم يوم الميثاق. انظر: "البسيط" عند قوله تعالى {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٧].
(٦) انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>