للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقبلوها (١).

قال أهل العلم: معنى (مَحبَّة العبدِ لله): إرادته طاعته، وإيثاره أمره، ورضاه بشرائعه. ومعنى (مَحبَّة الله للعبد): إرادته لِثَوَابِهِ، وعفوه عنه،


(١) هذه الرواية من طريق الكلبي عن أبي صالح. والكلبي -كما سبق- متَّهم بالكذب، وقد رُمي بالرفض، وقد قال لسفيان الثوري (كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب). انظر: "ميزان الاعتدال" ٥/ ٢ (٧٥٧٤)، "تقريب التهذيب" (٥٩٠١)، وقد ورد في سبب نزول الآية سببان آخران:
الأول: ادِّعاء أقوام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يحبون الله تعالى، فأنزل الله هذه الآية؛ ليبين لهم أن علامة حُبِّه هي: اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو قول الحسن، وابن جريج.
الثاني: أنها نزلت رَدًّا على مزاعم النصارى في ادِّعائهم: أنَّ ما يقولونه عن عيسى عليه السلام إنما هو محبة لله وتعظيم له. فأخبرهم أن محبة الله تكون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قول محمد بن جعفر بن الزبير.
ورجَّح الطبري هذا القول، قائلًا: (لأنه لم يجر لغير وفد نجران في هذه السورة، ولا قبل هذه الآية ذكْرُ قوم ادَّعوا أنهم يحبُّون الله، ولا أنهم يُعَظِّمُونه)، ولم يجزم الطبري بصحة قول الحسن السابق، وبيَّن أنه ليس في السورة ما يدل عليه، إلا أن يراد بالقوم الذين ادَّعوا ذلك هم وفد نصارى نجران، فيكون القولان متَّفقين. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٢٣٢.
وقال ابن عطية: (وُيحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب: اليهود والنصارى؛ لأنهم كانو يدَّعون أنهم يحبون الله، ويُحبهم، ألا ترى أنهم جميعًا قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨]، ولفظ {وَأَحِبَّاؤُهُ} إنما يعطي أن الله يحبهم، لكن يعلم أن مراده "ويحبوه"). انظر: "المحرر الوجيز" ٣/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>