للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يكن من نسلهم. وهذا القول يُحكى معناه عن أبي رَوْق (١).

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. قال عطاء عن ابن عباس (٢): هذا مخاطبة لليهود الذين قالوا: نحن أبناءُ الله وأحبَّاؤه، وأبناء (٣) الأنبياء الذين اصطفاهم. فأنزل فيهم قوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ}، الآيات إلى قوله: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، ويريد: {سَمِيعٌ} لقولكم الذي تقولون: إنكم من ولد إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ومن آل عمران. وإنَّما فضَّلت أولئك، ورفعتهم واصطفيتهم؛ بطاعتهم، ولو عصوني، لأنزلتهم منازل العاصين. {عَلِيمٌ} بما في قلوبكم من تكذيب محمد، وعصيانه، بعد إقراركم بالتوراة، وتصديقكم بما فيها من صفته.

وذكر أهل المعاني في هذا قولين آخرين:

أحدهما: أنَّ المعنى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لما تقوله (الذرية) المصطفاة {عَلِيمٌ} بما تضمره (٤)؛ فلذلك فضلها على غيرها، لما في معلومه من استقامتها في فعلها وقولها (٥).

القول الثاني: أنَّ هذه الآية تتصل بما بعدها، تقديرها: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لما تقوله امرأة عمران، {عَلِيُمٌ} بما تضمره، إذْ قالتْ: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ}


(١) الذي في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٣٨ أ: (وقال أبو روق: بعضها على دين بعض). وأبو رَوْق، هو: عَطِيّة بن الحارث الهَمْداني الكوفي تقدم.
(٢) لم أهتد إلى مصدر هذه الرواية عنه من طريق عطاء، والذي عثرت عليه هو ما سبق من رواية أبي صالح عنه في هذا المعنى عند قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ}، آية: ٣١، وقد سبق الكلام على هذه الرواية.
(٣) في (ب): (وأما).
(٤) والذُرِّيَّة: تأتي مذكرًا ومؤنثًا ومفردًا وجمعًا، ولذا جاء هنا تذكير الضمائر. انظر تفسير قوله تعالى: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا} من آية: ٣٨. من هذه السورة.
(٥) لم أهتد إلى قائل هذا القول ولكن ورد مثل هذا القول في "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦٣٦ عن ابن إسحاق، حيث قال: (أي: سميع لما يقولون، .. عليم بما يخفون).

<<  <  ج: ص:  >  >>