للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما يُفتح ويفض: الختم قبل الغَرْف (١)، فقد علمت أن (قُدِحت) مُقَدَّم في اللفظ، مُؤَخَّرٌ في المعنى، كذلك ههنا بدأ بالسجود لفظاً، وهو مؤَخَّرٌ معنى، والكلام في هذه المسألة يُذكر (٢) عند قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] الآية.

قال (٣) ابن الأنباري (٤): أمَرها أمراً عاماً، وحضَّها على أفعال الخير، فكأنه قال: استعملي السجود في حال، واستعملي الركوع في حال، ولم يذهب إلى أنهما يجتمعان، ثمَّ يُقدَّم السجودُ على الركوع؛ بل أراد العموم بالأمر على اختلاف الحالين (٥).

وقوله تعالى: {مَعَ الرَّاكِعِينَ}. ولم يقل مع الراكعات؛ لأن الراكعين


= وقوله: (أدْكَنَ عاتِقٍ): العاتق: زِقُّ الخمر الواسع. والأدْكَن: الأغبر اللون بين الحمْرَةِ والسَّوادِ، أو أراد: بكلِّ أدكنَ عاتقٍ خمرُهُ التي فيه.
و (الجَوْنَة): الزِّقُّ الأسود المَطْلِيُّ بالقار.
وقوله: (قُدِحت): (غُرِفَت).
وقوله: (فُضَّ ختامُها)؛ أي: كُسِرَ خاتَمُها، وهو الطينُ الذي خُتِمَ به فوهُها. والشاهد فيه قوله: (قُدِحت وفُضَّ ختامُها)، على أنَّ واو العطف هنا لا تعني ترتيب الفضّ بعد القدح وهو الغرف، حيث إنها تُفَضُّ أولًا ثمَّ تُغرَف.
(١) في (ج): (الغرق).
(٢) في (ب): (نذكر). وفي (ج): (نذكره).
(٣) في (ج)، (د): (وقال).
(٤) لم أهتد إلى مصدر قوله. وقد أورده ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٨٨.
(٥) وقال أبو سليمان الدمشقي: إنه كذلك كان في شريعتهم، يُقدَّمُ السجود على الركوع. ويرى الفخر الرازي أنه قُدِّم لرتبته وفضيلته؛ حيث إنَّ غاية قرب العبد من الله أن يكون ساجدًّا. انظر: "زاد المسير" ١/ ٣٨٨، "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>