للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنكر عليه الآخرون أشدَّ (١) الإنكارِ (٢).

وسنستقصي الكلام في (بعض) عند قوله: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: ٢٨]، وأنه هل يجوز أن يكون بمعنى الكلِّ، أم لا؟. إنْ شاء الله.


= وورد غير منسوب في "الموضح في التفسير" للحدادي: ٣٧، "المخصص" ١٧/ ١٣١. ويروي (منزلةٍ) بدلًا من: (أمكنةٍ)، و (أو يَرْتَبِط)، و (أو يَعْتَقِي) بدلًا من: (أو يعتلق). و (يرتبط)، و (يعتقي)، معناهما: يَحتَبِس. و (يعتلق): من (اعتلقه)؛ أي: أحبَّهُ، ويقال: (عَلِقَ بقلبه): أي: تشبَّث به. وعليه يكون معناها هنا معنى: يرتبط، ويعتقي. و (والحِمَام): الموت. انظر: "شرح القصائد السبع" ٥٧٣، "اللسان" ٥/ ٣٠٥٣ (عقا).
ومعنى البيت: إني أترك الأماكن التي أجتويها، إذا رأيت فيها ما أكره إلا أن يربط الموتُ نفسي فلا يمكنها البراح. وتحرير المعنى: إني لا أترك الأماكن التي أجتويها إلا أن أموت. انظر: "شرح المعلقات السبع" ٢٤٢، "شرح القصائد العشر" ١٦٠. والشاهد فيه عند أبي عبيدة: أنَّ (بعض) هنا تعني (كلَّ). وقد خالفه آخرون كما ذكر المؤلف، حيث إنَّه في هذا البيت لا داعي لإخراج لفظ (بعض) عن مدلوله مع إمكان صحةِ معناه؛ لأن لبيد يريد بـ (بعض) هنا نفسَهُ هُوَ، من بين نفوس الناس.
(١) في (ج): (ابتدا).
(٢) وممن أنكر عليه ذلك الزجاجُ، حيث قال: (وأنشد أبو عبيدة في ذلك بيتًا غلط في معناه) ثم قال: (وهذا كلام تستعمله الناس، يقول القائل: (بعضنا يعرفك)؛ يريد: أنا أعرفك، فهذا إنما هو تبعيض صحيح) "معاني القرآن" ١/ ٤١٥. أي: إن (بعض) هنا مستعملة في موضعها. لأن المتكلم بعض الناس. وقال ثعلب: (أجمع أهل النحو على أنَّ البعض شيء من أشياء، أو شيء من شيء) ثم ردَّ على من زعم أن المراد بـ (بعض) في بيت لبيد تعني: (كل) فقال عنه: (فادَّعى وأخطأ أنَّ (البعض) ههنا جمعٌ .. وانما أراد لبيد بـ (بعض النفوس): نفسَه). "تهذيب اللغة" ١/ ٣٦٠. وكذا ردَّه النحاس، في "معاني القرآن" ١/ ٤٠٣، وابن سيده، كما في "اللسان" ١/ ٣١٢، والزوزني في "شرح المعلقات السبع" ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>