للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتج بقوله: {تَدْرُسُونَ} ولم يقل: (تُدَرِّسُون)، وأيضًا فإن التشديد يقتضي مفعولين، والمفعول ههنا واحد، فالتخفيف أولى.

ومن قرأ بالتشديد: فالمفعول الثاني محذوف، تقديره: بماكنتم تُعَلِّمونَ الناسَ الكتابَ، أو غيرَكم الكتابَ. وحُذِف؛ لأن المفعول به قد يُحذَف من الكلام كثيرًا.

وحجته في التشديد: أن التعليم (١) يَدُل على العِلْم؛ لأن الذي يُعَلِّم لا يكون إلا عالمًا بما يُعَلِّم، والعِلْم لا يدل على التعليم، فالتشديد أبلغ في هذا الموضع. وأيضًا فإن الرَّبّانِيّين لا يقتصرون على أن يَعْلَموا لأنفسهم حتى يتقربوا إلى الله بالتعليم، يدل عليه: قول مُرَّة بن شَراحيل (٢): كان عَلْقَمَةُ من الربّانيين الذي يُعَلِّمون الناسَ القرآن.

قال الزجاج (٣): معنى قوله: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ}: كونوا معلِّمِي الناس بعِلْمِكم ودَرْسِكم، عَلِّموا الناسَ وبَيِّنوا لهم؛ كما تقول: انفعوهم بمالِكم. وقيل (٤): كونوا ممن يستحق أن يُطلق (٥) له صفة عالم بعلمه؛ لإخلاصه وقيامه بحقه.

وقوله تعالى: {وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}. أي: تقرأون (٦). ومنه قوله تعالى: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعراف: ١٦٩]. وشَرْحُ معنى الدَّرسِ والدراسة،


(١) في (ج): (العلم).
(٢) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦٥ أ، "حلية الأولياء" ٢/ ٩٨، "صفة الصفوة" ٢/ ١٦.
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٣٥. نقله عنه بالمعنى.
(٤) هذا القول يدخل ضمن معنى قول الزجاج في المصدر السابق.
(٥) في (ب): (تطلق).
(٦) في (ج): (تقرون).

<<  <  ج: ص:  >  >>