للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: ١١٩]، وفي قراءة عبد الله: (ولن تُسأَلَ) (١).

ومَن نَصَبَ {وَلَا يَأْمُرَكُمْ} كان (٢) وجهه ما قال سيبويه: إن المعنى: وما كان لِبَشَرٍ أن يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة. فيكون نصبًا بالنَّسَقِ على قوله: {أَنْ يُؤْتِيَهُ}. ويقوي هذا الوجه ما ذكرنا: أن اليهود قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أتريد يا محمدُ أن نتخذك ربًّا؟! فقال الله سبحانه: ما كان لِبَشَرٍ أن يأمر بذلك (٣).

قال الزجاج (٤): معنى الآية (٥): ولا يأمركم أن تعبدوا الملائكة والنبيين؛ لأن الذي قالوا: إن عيسى إلهٌ، عبدوهُ واتخذوهُ ربًّا. وقال قوم من الكفار: إن الملائكة أربابُنا (٦)؛ يقال (٧): إنهم الصابئون (٨).


(١) انظر هذه القراءة في "تفسير الطبري" ١/ ٥١٦، "المحرر الوجيز" ١/ ٤٦٩.
(٢) من قوله: (كان ..) على (.. لبشر أن يأمركم): ساقط من: (ج).
(٣) سبق تخريج هذا الأثر في التعليق على تفسير آية ٧٩ من هذه السورة.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٤٣٦، نقل عنه بنصه.
(٥) في "معاني القرآن": أي.
(٦) في (ج): (أربابا).
(٧) في "المعاني": (ويقال).
(٨) (الصابئ) هو الذي خرج من دينه ودخل في دين آخر. ولذا سَمَّ كفارُ قريش النبيَ - صلى الله عليه وسلم - وصحابته بذلك -بزعمهم- لأنهم تركوا دينهم ودخلوا في دين آخر. و (الصابئة) هنا لفظة قديمة من لغة عرب ما بين النهرين من العراق، وهو دين قديم ظهر في بلاد الكلدانيين في العراق، واشتهر في (حرّان) من بلاد الجزيرة الفراتية، ويُسَمَّون لذلك بـ (الحرْنانِيّة) على غير قياس. ودينهم من أقدم الأديان، ولما بعث الله إبراهيم عليه السلام كان الناس على دين الصابئة. وقد ترك هؤلاء دين التوحيد وعبدوا النجوم والكواكب وعظموها، مدعين أن البشر عاجزون عن الوصول إلى جلال الخالق =

<<  <  ج: ص:  >  >>