للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُنْذِريُّ، عن ثعلب، أنه قال: هذا الذي قاله الفرّاء (١)، بعيدٌ (٢)، ولكن المعنى إن شاءَ الله: ضربت عليهم الذِّلَّة أينما ثُقِفُوا؛ أي: بكلِّ مَكان إلّا بموضِع حَبْلٍ مِنَ الله، وهو استثناء مُتَّصل، كما تقول: (ضُرِبت عليهم الذِّلَّة في الأمكنة، إلّا في هذا المكان)، ثمّ حذف المضافُ (٣).

قال: وقول الشاعر: (رأتني بحبليها)؛ هو كما تقول: (أنا بالله، وبك) (٤)؛ أي: مُتَمَسِّك. فتكون الباءُ مِن صِلَة (رأتني متمسكًا


(١) (الفراء): ساقطة من: (ج).
(٢) وفي "تهذيب اللغة": (بعيد أن تحذف (أن) وتُبقِي صلتها).
(٣) ثم حذف المضاف: ليس في "تهذيب اللغة". وقد ذهب إلى هذا الزمخشري، وأيَّد كون الاستثناء متصلًا هنا، وقال: (وهو استثناء من أتم الأحوال؛ المعنى: ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حالة اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس ..). "الكشاف" ١/ ٤٥٥.
(٤) وبك: ليس في "تهذيب اللغة".
بالنسبة لهذه الألفاظ مثل (أنا بالله، وبك) وأمثالها، وبغض النظر عن مجال الاستدلال النحوي بها، فإن الآثار الشرعية قد وردت بالنهي عن استعمالها بهذه الصورة. فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل: ما شاء الله، ثم شئت". أخرجه ابن ماجه (٢١١٧) كتاب الكفارات، باب (١٣)، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه":١/ ٣٦٢.
وورد في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان". رواه أبو داود في "السنن" (٤٩٨٠)، كتاب الأدب، والبيهقي في "السنن" ٣/ ٢١٦، وأحمد في "المسند" ٥/ ٣٨٤، ٣٩٤، ٣٩٨.
وعن ابن عباس: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فراجعه في بعض الكلام، فقال: ما شاء الله وشئت. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أجعلتني والله عِدْلاً، بل ما شاء الله وحده".
أخرجه البيهقي في "السنن" ٣/ ٢١٧، والبخاري في الأدب المفرد: ٣٤٤ رقم (٧٨٣)، وغيرهما. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة: ١/ حديث رقم (١٣٦ - ١٣٩). وقد ذكر العلماء أن قول الإنسان (ما لى غير الله وأنت)، و (توكلت على الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>