للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {لِيَقْطَعَ طَرَفًا}، ولكنه ذُكِر بغير حرفِ العطف؛ لأنَّ الكلامَ إذا كان بعضُه ملتبسًا ببعضٍ، جاز حذفُ العاطف؛ كقوله: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢].

وإنما قال: {طَرَفًا} ولم يقل: (وَسَطًا)؛ لأنه لا يُوصَلُ إلى الوَسَطِ الا بعد قطع الطَّرَفِ، وهذا القَطْعُ إنما هو بأيدي المؤمنين، وإنما يقطعون الطَّرَفَ الذي يليهم مَنَ الكافرين، وهذا يوافق قوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣]، وعلى هذا -أيضًا- قولُه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: ٤١].

وقوله تعالى: {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} الكَبْتُ -في اللغة-: صَرْعُ الشيء على وجهه؛ يُقال: (كَبَتَهُ، فانْكَبَتَ) (١). هذا تفسيره، ثم قد (٢) يُذكرُ (٣) المرادُ به: الإخزَاءُ، والإهلاكُ، واللَّعْنُ، والهَزِيمَةُ، والغَيْظُ، والإذلالُ. وكلُّ هذا ذكره المفسرون في تفسير (الكَبْتِ) (٤).


= وهناك أقوال أخرى في عود الللام في {لِيَقْطَعَ}. انظر: "تفسير ابن عطية" ٣/ ٣١٣، و"الدر المصون" ٣/ ٣٩٠.
(١) انظر: كتاب "العين" ٥/ ٣٤٢ (كبت)، و"مجاز القرآن" ١/ ١٠٣، و"تهذيب اللغة" ١٠/ ١٥٢ (كبت).
(٢) (قد): ساقطة من (ب).
(٣) (يُذْكَرُ): وردت في (أ)، (ج): (يذكرو). وفي (ب): (يذكروا). وما أثبتُّهُ هو ما استصوبته، لأن في (أ)، (ج) قد تكون الضمة التي على الواو كتبها الناسخ بحجم أكبر من حجمها الطبيعي، وتزحلقت قليلًا إلى ما بعد الرَّاء. أما الذي في نسخة (ب) فلا وجه له، لأن الفعل كُتِب فيها في حالة الجمع، وحذفت منه النون التي هي علامة رفعه، والصواب إثباتها، لأنه من الأفعال الخمسة.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢٩٩، و"سيرة ابن هشام" ٣/ ٦١، و"غريب القرآن" لابن اليزيدي ٤٤، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ١١٠، و"تفسير الطبري" ٤/ ٨٦، =

<<  <  ج: ص:  >  >>