للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأويل قوله: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}، واللهُ تعالى يعلم الشيءَ قبلَ وُجُودهِ، ولا يحتاج إلى سَبَبٍ حَتى يعلم؛ وإنما المعنى: وَلِيَعْلَمَ ذلك واقِعًا منهم.

أي: لِيَقَعَ ما عَلِمَهُ غَيْبًا، مُشَاهَدَةً للناس. والمُجَازاة إنَّمَا تَقَع بِما يعلمه موجودًا كائِنًا، لا (١) بِمَا عَلِمَهُ غَيْبًا (٢). وهذا كقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} [محمد: ٣١]. وقد استقصينا ما في هذا عند قوله: {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} [البقرة: ١٤٣].

وقوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} أي: وَلِيُكْرِمَ قَوْمًا بالشَّهَادةِ؛ وذلك أنَّ المسلمين تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوَّ، وأنْ يَكُونَ لهم يومٌ كيوم بَدْر، يقاتِلُوا فيه العَدُوَّ، ويَلْتَمِسُوا الشهادة (٣).

والشُّهَدَاء: جمع شَهِيد؛ كـ (الكُرَمَاء)، و (الظُّرَفَاء). والمقتول مِنَ المسلمين بِسَيْفِ الكُفَّار، يُسَمَّى: شهيدًا.

واختلفوا فيه: لِمَ سُمِّيَ شهيدًا؟:

فقال النَضْرُ بن شُمَيْل (٤): الشَّهِيد: الحَيُّ. قال الأزهري (٥): أراه تَأَؤَّلَ قولَ اللهِ جلَّ وَعَزَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ


(١) (لا): ساقطة من (ج).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧٠ - ٤٧١، و"معاني القرآن" للنحاس ١/ ٤٨٢، و"المحرر الوجيز" ٣/ ٣٤١، و"البحر المحيط" ٣/ ٦٣.
(٣) من قال ذلك: ابن عباس، ومجاهد، وابن جريج، والضحاك، وقتادة، والربيع، والسدي، وابن إسحاق. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٤) قوله، في: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٤٣ (شهد)، و"اللسان" ٤/ ٢٣٤٨ (شهد).
(٥) قوله، في "التهذيب" ٢/ ١٩٤٣ (شهد). نقل أكثر قوله بنصِّه وتصرف قليلًا في آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>