للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسنذكره (١) في موضعه إن شاء الله.

وقوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} معناه: أنه يموت كما ماتت الرُّسُلُ قَبْلَهُ. وقوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} ألِفُ (٢) الاستفهام دخلت على حرف الشرط؛ ومعناها: الدخول على الجزاء. المعنى: (أتنقلبون على أعقابكم؛ إن مات محمَّدٌ (٣) أو قُتِلَ)، إلّا أنَّ الشرط والجزاء مُعَلَّقٌ أحدُهُما بالآخَرِ، فانعقدا جملةً واحدةً، وخَبَرًا واحدًا؛ فدخلت أَلِفُ الاستفهام على الشرط، وأَنْبَأَت عن معنى الدخول على الجزاء؛ كما أنك إذا قلت: (هل زيدٌ قائمٌ؟)؛ فإنما تستفهم عن قيامِهِ، إلّا أنك أَدْخَلْتَ (هَلْ) على الاسم؛ لِيُعْلَمَ الذي استفهمتَ عن قيامه، مَنْ هُوَ؟ وكذلك قولك (٤): (ما زيدٌ قائما)، إنما نَفَيْتَ القيامَ، ولم تَنْفِ زيدًا، ولكنك أدخلت (ما) على (زيد)؛ ليُعْلَمَ مَن الذي نُفِيَ عنه القيامُ. يوضح هذا: أن هذا الاستفهام للإنكار، ولم ينكر عليهم الموت، وإنما أنكر عليهم الانقلاب.

وقوله تعالى: {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} أي: ارْتدَدْتُم كُفَّارًا بعد إيمانكم؛ وذلك؛ لأن الرجوع عن الحق إلى الباطل، بمنزلة رجوع القَهْقَرَى (٥)، في القُبْح والتنكيل بالنفس.


(١) في (أ): (سنذكر). والمثبت من (ب)، (ج).
(٢) من قوله: (ألف ..) إلى (.. نفي عنه القيام): نقله -بتصرف- عن "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٧٤. وانظر: "الصاحبي" ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٣) في (أ): (محمدً). وفي (ج): (محمدا). والمثبت من (ب)، وهو الصواب.
(٤) في (ج): (قول).
(٥) القَهقَرَىَ: الرجوع إلى خَلْفٍ. والفعل: (قهْقَرَ)، و (تَقَهْقَرَ): إذا رجع على عقبيه. انظر: (قهر) في: "اللسان" ٦/ ٣٧٤٦، و"القاموس" ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>