للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفن الذي يغلب عليه، فالزجاج والواحدي في "البسيط" يغلب عليهما الغريب .. " (١).

وذلك البعد اللغوي في الكتاب "البسيط" ليس غريبًا على شخصية الواحدي العلمية والتي استجليناها فيما سبق (٢)، حيث أدرك منذ نشأته الأولى أهمية اللغة لتفسير كتاب الله، فصرف همته لذلك، حتى إذا نضجت فيه تلك الملكة، أبرزها في كتابه "البسيط".

يقول في مقدمة كتابه "البسيط" مبينًا أهمية اللغة لفهم القرآن وتفسيره: "والله تعالى ذكره، أنزل كتابه على قوم عرب، أولي بيان فاضل، وفهم بارع، أنزله -جل ذكره- بلسانهم، وصيغة كلامهم الذي نشأوا عليه .. يعرفون وجوه خطابه، ويفهمون فنون نظامه، ولا يحتاجون إلى تعلم مشكله وغريب ألفاظه حاجة المولدين الناشئين مع من لا يعلم لسان العرب حتى يعلمه .. وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- للمخاطبين من أصحابه -رضي الله عنهم- ما عسى بهم الحاجة من معرفة بيان مجمل الكتاب، وغامضه ومتشابهه، وجميع وجوهه التي لا غنى بهم وبالأمة عنه.

فاستغنوا بذلك عما نحن إليه اليوم محتاجون من معرفة لغات العرب واختلافها والتبحر فيها، الاجتهاد في تعلم وجوه العربية الصحيحة التي بها نزل الكتاب وورد البيان" (٣).

ويقول: "وقد كان الأكابر من السلف يحثون على تعلم لغة العرب، ويرغبون فيها لما يعلمون من فضلها وفرط الحاجة إليها، في معرفة ما في


(١) "البرهان" ١/ ١٣.
(٢) انظر ما سبق من الحديث عن العلوم التي برز فيها.
(٣) مقدمة "البسيط" للمؤلف، والنص نقله الواحدي عن مقدمة "تهذيب اللغة" ١/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>